للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لقلقها المتزايد من زيادة عدد المسلمين لا سيما بعد توقيع صلح الحديبية، وقد كانوا يعلمون - من قبل فتح مكة بزمن طويل - على إتارة مختلف قبائل العرب ضد الإسلام، أما وقد فتحت مكة، فقد أصبح لزامًا عليهم في رأيهم أن يوجهوا إلى الإسلام ضربة قاتلة، قبل أن يستفحل أمره، ويصبح من المحال القضاء عليه.

وهم رجال حرب بطبيعتهم، فما كانوا يحتاجون لأكثر من أيام معدودات لحشد جيش كبير. ترامت إلى النبي ? أخبارها، فأوفد من يتبين له الأمر، وعاد الرسول يؤيد الخبر فأمر النبي ? على التو - أي على الفور - بتجهيز جيش قوي لسحق هوزان.

وسرعان ما إلتف عشرة ألاف مقاتل ساروا وعلى رأسهم النبي ? إلى وادي حنين حيث احتشدت جنود هوزان.

وقد أمدت مكة المسلمين بكميات وافرة من السلاح والعتاد بجانب الألفين من المقاتلين.

وكانت هوزان حاذقة في الرماية بالسهام والنبال، يضاف إلى هذه أنها احتلت المراكز الممتازة كلها وقد وزعت زهرة رماتها فوق التلال والمرتفعات، واضطر المسلمون إلى النزول بالمراكز غير الملائمة، فكانت السهام تنزل عليهم من كل صوب وحدب أشبه بالمطر.

بينما تقدمت ساقة هوزان لمهاجمة قلب جيش المسلمين، والتقى الجمعان وجهًا لوجه، وكانت طليعة المسلمين تحت إمرة خالد بن الوليد وهي مكونه من المكيين وفيهم غير المسلمين. فكانوا أول من خاض غمار المعركة. ولكنهم لم يتحملوا عنف القتال المرير فتقهقروا، وأدى تقهقرهم إلى اضطراب النظام بين صفوف المسلمين، فارتدوا جميعًا في غير نظام، وتقهقرت فيالق المهاجرين والأنصار هي الأخرى، وبقي النبي ? ومعه عمه العباس في فئة قليلة من المقاتلين وحدهم في العراء عرضة لسهام المهاجمين المحتشدين.

رأى النبي جيش المسلمين يرتد فثبت في مركزه المحفوف بالخطر في رباطة جأش تدعوا إلى الإعجاب الشديد. كان العدو يتقدم في سرعة خاطفة، وكاد يكون بمفرده، ولكن

<<  <  ج: ص:  >  >>