للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جهة تحصينًا طبيعيًا بالصخور، وكانت تحميها أسوار المنازل الحجرية من جهة أخرى، وهذه الأسوار ممتدة فكانت حصنًا متينًا بطبيعتها، فلم يبق إلا جهة واحدة مفتوحة لهجوم العدو، فاقترح سلمان الفارسي، حفر خندق عميق في هذه الجهة، فشرع في حفر الخندق فورًا وقسم المؤمنون إلى فرق، تتكون كل فرقة من عشرة، وعمل النبي ? معهم فكان يضرب الأرض ويحمل التراب ويقول:

((اللَّهُمَّ إن العيش عيش الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَة)) .

فيردد المسلمون خلفه:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا

عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا

شخصية كبيرة سيطرت على شعب عظيم روحيًا وسياسيًا ثم تقوم بما يقوم به الرجل العادي في ساعات الحرج، عندما يتعرض الوطن للخطر، إنه عمل فريد في التاريخ، وإنها لناحية ممتازة في شخصية النبي ?، إنه ليبهر البصر بأعماله، فما قام بعمل إلا أداه بطريقة مُشَرِّفة، وتواضعٍ كريم نبيل، كان أقرب الزعماء قربًا من الرجل العادي، وكان أرفعهم مكانة، وأعزهم نفرًا.

بينما كانوا يحفرون الخندق صادفوا كُدْيَةً شديدة استعصت عليهم فجاءوا النبي فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، واستأذنوه في تغيير مجرى الخندق، فقال: ((أنا نازل)) ، وتناول معوله، وأخذ يضربها حتى صارت رملاً لا يتماسك وكان كلما ضربها ضربة تطايرت شرارة فيصوت النبي ?: ((الله أكبر)) .

وقال: إنه رأى في الشرارة الأولى أنه أعطى مفاتيح سورية، وأنه رأى في الشرارة الثانية أنه أعطى مفاتيح فارس، وفي الشرارة الثالثة، أنه أعطى مقاليد

<<  <  ج: ص:  >  >>