للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ لِمَا رَأَى بَذْلَ الْمُسْلِمِينَ أَمْوَالَهُمْ عِنْدَمَا حَثَّهُمْ صَلَواتُ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلامُه عَلَى الْجِهَادِ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَحَثَّهُمْ عَلَى النَّفَقَةِ وَرَغِبَ أَهْلُ الثَّرْوَةِ بِالْخَيْرِ وَحَثَّ الْمُوسِرِينَ عَلَى تَجْهِيزِ الْمُعْسِرِينَ، وَأَبْصَرَ أَبَا بَكْرٍ يَجِيءُ بِمَا عِنْدَهُ، وَعُمَرَ يَأْتِي بِنِصْفِ مَالِهِ، وَعُثْمَانَ يَأْتِي بِجِرَابٍ فِيهِ أَلْفَ دِينَارٍ ذَهَبًا وَيُقَدِّمُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ يَحْمِلُ عَلَى عَاتِقِهِ مَائَتَي أَوْقِيَّةٍ مِنْ الذَّهَبِ وَيُلْقِيهَا بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَنِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ يَنْزِعْنَ حُلِيِّهِنَّ وَيُلْقِينَهُ بَيْنَ يَدِيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُجَهِّزَ بِثَمَنِهِ الْجَيْشَ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ، بَلْ رَأَى رَجُلاً يَعْرِضُ فِرَاشَه لِلْبَيْعِ لِيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ سَيْفًا يُجَاهِدُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ.

فَتَعَجَّبَ عُمَيْرٌ مِنْ تَأَخُّر الْجُلاسِ وَتَبَاطِئِهِ عَنْ الاسْتِعْدَادِ لِلرَّحِيلِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَأَخُّرِهِ عَنْ الْبَذْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَلَى الرَّغْمْ مِنْ قُدْرَتِهِ وَغِنَاهُ.

وَأَرَادَ عُمَيْرٌ أَنْ يَسْتَثِيرَ هِمَّةَ الْجُلاسِ وَيَبْعَثَ الْحَمِيَّةَ وَالْمُرُوءَةِ فِي نَفْسِهِ فَشَرَعَ يَقُصُّ عَلَى الْجُلاسِ أَخْبَارَ مَا رَأَى وَمَا سَمِعَ وَخَاصَّةً الْبَكَّائِينَ الذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَحْملِهُم وَاعْتَذَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ لا يَجِدُ مَا يَحْملِهُم فَتَوَلَّوْا وَأَعْينُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزْنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُبَلِّغُهُم أُمْنِيَّتَهُمْ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ.

لَكِنَّ الْجُلاسَ مَا كَادَ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ عُمَيْرٍ مَا سَمِعَ حَتَّى تَكَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>