للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرْعَهَا بِيَدِهِ وَهُوَ يَذْكُرُ عَلَيْهَا اسْمَ اللهِ فَنَظَرَ عَبْدُ اللهِ فِي دَهْشَةٍ قَائِلاً فِي نَفْسِهِ: وَمَتَى كَانَتْ الشَّاةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَمْ تَنْزُو عَلَيْهَا الْفُحُولُ تُدِرُّ لِبَناً.

لِكِنَّ ضَرْعَ الشَّاة لَمْ يَلْبَثْ أَنْ انْتَفَخَ مِنْ اللَّبَنِ وَطَفِقَ اللَّبَنُ يَنْبَثِقُ مِنْهُ ثَراً غَزِيراً.

فَأَخَذَ الرَّجُلُ الآخَرُ حَجَراً مُجَوَّفاً مِنْ الأَرْضِ وَمَلأَهُ بِاللَّبَنِ وَشَرِبَ مِنْهُ هُوَ وَصَاحِبُهُ ثُمَّ سَقَيَانِي مَعَهُمَا وَأَنَا لا أَكَادُ أُصَدِّقُ مَا أَرَى، فَلَمَّا ارْتَوَيْنَا قَالَ الرَّجُلُ الْمُبَارِكُ لِضَرْعِ الشَّاةِ: انْقَبِضْ فَمَا زَالَ يَنْقَبِضُ حَتَّى عَادَ إِلى مَا كَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ قُلْتُ لِلرَّجُلُ الْمُبَارِكْ: عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الذِي قُلْتَهُ فَقَالَ لِي: إِنَّكَ غُلامٌ مُعَلَّمٌ.

كَانَتْ هَذِهِ بِدَايَةُ قِصَّةِ عَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ مَعَ الإِسْلام وَأَمَّا الرَّجُلُ الْمُبَارَكَ فَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الذِي مَعَهُ فَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَدْ نَفََرَا فِي ذَلِكَ إِلى شِعَابِ مَكَّةَ لِفَرْطِ مَا أَرْهَقَتْهُمَا قُرَيْشٌ وَلِشِدَّةِ مَا أُنْزِلَتْ بِهِمَا مِنْ الْبَلاءِ.

وَكَمَا أَحَبَّ الْغُلامُ الذِي هُوَ عَبْدُ اللهِ بن مَسْعُودٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَهُ وَتَعَلَّقَ بِهِمَا فَقَدْ أَعْجَبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ بَعَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ وَأَكْبَرَا أَمَانَتَهُ وَحَزْمَهُ وَتَوَسَّمَا فِيهِ الْخَيْرَ وَلَمْ يَمْضِ إِلا مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ حَتَّى أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ وَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْدِمَهُ فَقَبِلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَضَعَهُ فِي خِدْمَتِهِ.

وَلَزِمَ عَبْدُ الله بنُ مَسْعُودٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يُرَافِقُهُ فِي حِلِّهِ وَتِرْحَالِهِ يُوقِظُهُ إِذَا نَامَ وَيَسْتُرُهُ عِنْدَ الْغُسْل وَيُلْبِسُهُ نَعْلَيْهِ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ وَيَخْلَعَهُا مِنْ قَدَمَيْهِ إِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ وَيَحْمِلُ لَهُ عَصَاهُ وَسِوَاكَهُ وَيَلِجُ الْحَجَرَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا آوَى إِلى حُجْرَتِهِ.

اللَّهُمَّ اهْدِنَا بِهُدَاكَ إِلى صِرَاطِكَ الْمُسْتَقِيمِ وَوَفِّقْنَا لِلْقِيَامِ بِحَقِّكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ يَا كَرِيمِ وَاجْعَلْنَا يَا مَوْلانَا مِمَّنْ أَتَاكَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>