للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} .

وَأَيْضًا فَالصِّيَامُ يَبْعَثُ في الإِنْسَانِ فَضِيلَةَ الرَّحْمَةِ بَالْفُقَرَاءِ وَالعَطْفِ عَلَى البَائِسِينَ، فَإِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا ذَاقَ أَلَمَ الجُوعِ في بَعْضِ الأَوْقَاتِ تَذَكَّرَ الفَقِيرَ الجَائِعَ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ فَيُسَارِعُ إلى رَحْمَتِهِ وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِ. قِيلَ لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَكَانَ كَثِيرَ الجُوعِ: لِمَ تَجُوعُ وَأَنْتَ عَلى خَزَائِنِ الأرْضِ. فَقَالَ: إنِّي أَخَافُ أَنْ أَشْبَعَ فَأَنْسَى الجَائِعَ.

وَمِنْ فَوَائِدِ الصِّيَامِ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يُنَقِّي الجِسْمَ مِنْ الفَضَلاتِ الرَّدِيئَةِ وَرُطُوبَاتِ الأَمْعَاءِ، وَيَشْفِي كَثِيرًا مِنْ الأَمْرَاضِ بَإِذْنِ اللهِ تَعَالى، وَفِيهِ مِنْ الْمَزَايَا الصَّحِيَّةِ مَا شَهِدَ بِهِ العَدُوُّ قَبْلَ الصَّدِيقِ، فَسُبْحَانَهُ مِنْ إِلَهٍ عَلِيمٍ حَكِيمٍ.

وَمَنْ فَوَائِدِ الصِّيَامِ أَنَّهُ يُقَوِّي النَّفْسَ عَلَى البَّرِ وَالحِلْمِ وَهُمَا تَجَنُّبِ كُلِّ مَا مَنْ شَأْنِهِ إِثَارَةُ الغَضَبِ لأَنَّ الصَّوْمَ نِصْفُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ نِصْفُ الإِيمَانِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِمَا رَوَاهُ النِّسَائِي عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ في حَدِيثِهِ الطَّويلِ: أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «أَلا أَدُلَكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ» ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ» فَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنْ العَذَابِ وَمِنْ الأخْلاقِ السَّيِّئَةِ.

وَمِنْ يُلاحِظْ حَالَ الصَّائِمِينَ الْمُوَفِّقِينَ لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ تَحَرِّي الطَّاعَةِ وَتَحرِّي سُبُلَ الخَيْرَاتِ وَالابْتِعَادِ عَنْ الْمَعَاصِي وَالرَّغْبَةِ فِي الإحْسَانِ يُدْرِكُ أَنَّ الصَّوْمَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الهِدَايَةِ، وَيُدْرِكُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} وَيُدْرِكُ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ» . وَيُدْرِكُ مَا فِيهِ مِنْ تَهْذِيبِ النَّفْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>