للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصْدٍ، لَمْ يفْسُدْ صَوْمِهِ، لِمَا وَرَدَ مِنْ أنَّ عَائِشَةِ وَأَمِّ سَلَمَةٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَتَا: (نَشْهَدُ عَلى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ احْتِلاَمٍ ثُمَّ يَغْتَسِلُ) .

وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ لِلصَّائِمِ، لِمَا وَرَدَ عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ، إلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» . وَاللهُ أَعْلَم.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ قُلُوبَنَا مَمْلُوءة بِحُبِّكَ وَأَلْسِنَتِنَا رَطِبَةً بِذِكْرِكَ وَنُفُوسَنَا مُطِيعَةَ لأَمْرِكَ وَارْزَقْنَا الزُّهْدَ في الدُّنْيَا وَالإِقْبَالَ عَلَى الآخِرَةِ وَاغْفِرَ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فصل) : ٢ - ذِكْرُ أَشْيَاءَ تَحْرُمُ وَيَتَأَكَّدَ تَحْرِيمُهَا فِي حَقِّ الصَّائِمِ:

يَجبُ اجْتِنَابُ كُلِّ كِذْبٍ مُحَرَّمٍ، أَمَّا الكَذِبُ لِتَخْلِيصِ مَعْصُومٍ مِنْ قَتْلِ فَوَاجبٌ. قُلْتُ: وَيَتَرجَّحُ عِندي مِثْلُهُ أَيْضًا تَخْلِيصُ مَالِهِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ أَوْ غَاصِبٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَالْمَالُ مُثْمَنٌ وَالأَحْسَنُ يَتَأَوَّلُ، وَلإصْلاحٍ بَيْنَ الزَّوْجَيْن فَمُبَاحٌ لِمَا وَرَدَ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولَُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا أَوْ يَنْمِى خَيْرًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّاعِي إلى الكَذِب مَحَبَّةُ النَّفْعِ الدُّنْيَوِي وَحُبُّ التُّرَاثِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُخْبِرَ يَرَى أَنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى الْمُخْبَر بِمَا عَلَّمَهُ فَهُوَ يَتْشَبَّهُ بِالعَالِمِ الفَاضِلِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ يَجْلِبُ بِمَا يَقُولُهُ فَضْلاً وَمَسَرَّةً وَهُوَ يَجلِبُ بِهِ نَقْصًا وَفَضِيحَةً فَالكذِبُ رَذِيلَةٌ مَحْضَةٌ مِنْ أَرْذَلِ الرَّذَائِلِ يُنْبِئُ عَنْ تَغَلْغُلِ الفَسَادِ فِي نَفْسِ صَاحِبَها وَعَنْ سُلُوكٍ يُنْشِئُ الشَّرَّ إنْشَاءً فَالكَذِبُ يَتَصَدَّعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>