للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتب بعضهم إلى أخ له فَقَالَ له: أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله سبحانه والعمل بما علمك الله تعالى والمراقبة حيث لا يراك إلا الله عز وجل والاستعداد لما ليس لأحد فيه حيلة ولا ينتفع بالندم عند نزوله.

شِعْرًا: ... تَفُوزُ بِنَا الْمَنُونَ وَتَسْتَبِدُّ ... وَيَأْخُذُنَا الزَّمَانُ وَلا يَرُدُّ

وَأَنْظُرُ مَاضِيًا فِي عَقْبِ مَاضٍ ... لَقَدْ أَيْقَنْتُ أَنَّ الأَمْرَ جِدُّ

رُوَيدًا بِالْفِرَارِ مِنَ الْمَنَايَا ... فَلَيْسَ يَفُوتُهَا السَّارِي الْمُجِدُّ

فاحسر عن رأسك قناع الغافلين وانتبه من رقدة الموتى وشمر للسباق غداً فإن الدنيا ميدان المسابقين ولا تغتر بمن أظهر النسك وتشاغل بالوصف وترك العمل بالموصوف.

واعلم يا أخي أنه لابد لي ولك من المقام بين يدي الله عز وجل يسألنا عن الدقيق الخفي والجليل الخافي ولست آمن أن يسألني وإياك عن وسوسة الصدور ولحظات العيون والإصغاء للاستماع.

واعلم أنه لا يجزي من العمل القول ولا من البذل العدة ولا من التوقي التلاوم.

قَالَ نافع خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحابه فوضعوا سفرة لهم فمر بهم راعي فَقَالَ عبد الله بن عمر يا راعي هلم فأصب من هذه السفرة. فَقَالَ إني صائم فَقَالَ عبد الله في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت بين هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين هذه الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم. فَقَالَ الراعي أبادر أيامي فعجب ابن عم وَقَالَ هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها نطعمك من لحمها ما تفطر عليه ونعطيك ثمنها.

قَالَ إنها ليست لي إنها لمولاي قَالَ فما عسيت أن يقول مولاك إن قلت أكلها الذئب.

فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين الله قَالَ فلم يزل ابن عمر يقول الراعي فأين الله فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيد الراعي فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم. ودعا قوم رجلاً إلى طعامٍ في يوم قائظ حره فَقَالَ إني صائم فقَالُوا أوفي مثل هذا اليوم قَالَ أفاغبن أيامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>