للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَسْرَعَ النَّبِيِّ ? الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الأَعْرَابِيُّ. فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الأَعْرَابِيَّ فَيُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ وَلاَ يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ ? ابْتَاعَهُ. حتَّى زًاد بَعْضُهم الأَعْرابِيَّ في السّومِ على ثَمِنَ الفَرسِ الَّذِي ابْتَاعَهُ به النَّبِيَّ ?.

فَنَادَي الأَعْرَابِيُّ النَّبِيَّ ? فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعاً هَذَا الْفَرَسَ فابِعْتُهُ وإلا بِعْتُه. فقامَ النَّبِيَّ ? حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الأَعْرَابِيِّ فَقَالَ: «أَوَلَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ» . قَالَ الأَعْرَابِيُّ: لاَ وَاللهِ مَا بِعْتُكَ. فَقَالَ النبيُّ ?: «بَلَى قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ» . فَطَفِقَ الناسُ يَلُوذُون بالنَّبِيَّ ? والأَعْرَابِيُّ وهَما يَتَراجَعَان فَطَفِقَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيداً يَشْهَدُ أنَي بايَعْتكَ.

فَمَنْ جَاَء من المسَلِمِيْن قَالَ للأَعْرَابِيِّ: وَيْلَكَ إنَّ النَّبِيَّ ? لم يَكُنْ لِيَقُولَ إلا حَقاً.

حتَّى جَاء خُزَيْمَةُ فاسْتَمَعَ لمُراجَعَة النَّبِيَّ ? ومُرَاجَعَةِ الأَعْرَابِيِّ وَطَفِقَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيداً أنَي بايَعْتكَ.

فَقَالَ خُزَيْمَةُ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ. فَأَقْبَلَ النَّبِيَّ ? عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ: «بِمَ تَشْهَدُ؟» . قَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَجَعَلَ النَّبِيَّ ? شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ.

وقد روي في بعض طرق هذا الحديث أن النَّبِيَّ ? قَالَ لخُِزَيْمَةُ: بِمَ تَشْهَدُ ولم تَكْنَ مَعَنا؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أنا أُصَدِقُكَ بخَبرِ السماء أفَلاَ أصَدَّقُكَ بما تَقُولُ؟

قَالَ الخطابي: ووجه هذا الحديث أن النَّبِيَّ ? حكم على الأَعْرَابِيِّ بعِلْمِهِ إذ كان النَّبِيَّ ? صادقاً باراً وجرت شهادة خُزَيْمَةَ في ذلك مجرى التوكيد لقوله ? والاستظهار بها على خصمه. فصارت في التقدير مع قول رَسُولِ اللهِ كشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ في سائر القضايا. رحمه الله والله أعلم وصَلَّى اللهُ وَعَلَى مُحَمَّد وآلِهِ وسلم.

(فَصْلٌ) قَالَ الواقدي عن أشياخ له: إن شيبة بن عثمان كان يحدث عن إسلامه فيقول: ما رأيت أعجب مِمَّا كنا فيه من لزوم ما مضى عليه آباؤنا من الضلالات.

فلما كان عام الفتح ودخل النبي ? عنوة قلت: أسير مع قريش إلى هوازن بحنين فعسى إن اختلطوا أن أصيب من مُحَمَّد غرة فأثار منه فأكون أنا الَّذِي قمت بثأر قريش كلها،

<<  <  ج: ص:  >  >>