للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: هَجْرُ سَمَاعِهِ، والإيمانِ بِهِ، وَالإِصْغَاءِ إِلَيْهِ.

والثَّاني: هَجْرُ العَمَلِ بِهِ والوُقُوفِ عِندَ حَلالِهِ وَحَرَامِهِ، وَإِنْ قَرَأَهُ وَآمَنَ بِهِ.

شِعْرًا:

لا شَيْءَ مِثْلَ كَلامَ اللهِ تَحْفَظُهُ ... حِفْظًا قَوِيًّا وَتَعْمَلْ فِيهِ مُجْتَهِدَا

وَالثَّالثْ: هَجْرُ تَحْكِيمِهِ وَالتَّحَاكُمْ إِلَيْهِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ وَاعْتِقَادِ أَنَّهُ لا يُفِيدُ اليَقِينِ وَأَنَّ أَدَلَّتَهُ لَفْظِيةَ لا تُحَصِّلُ العِلمَ.

والرَّابِعْ: هَجْرُ الاسْتِشْفَاءِ وَالتَّدَاوِي بِهِ في جَمِيعِ أَمْرَاضِ القُلُوبِ وَأَدْوَائِهَا، فَيَطْلُب شِفَاءَ دَائِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَيَهْجُرُ التَّدَاوِي بِهِ.

وَالْخَامِسُ: هَجْر تَدَبُّرِهِ وَتَفَهُّمِهِ وَمَعْرِفَةِ مَا أَرَادَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْهُ.

وَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} .

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمِدْ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةْ: أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ، وَرَجُلاً قَائِمًا بِيَدِهِ فَهْرٌ أَوْ صَخْرَةٌ فَيَشْدَخُ بِهَا رَأْسَهُ: فَيَتَدَهْدَهْ، فَإِذَا ذَهَبَ لِيَأْخُذَهُ عَادَ رَأْسَهُ كَمَا كَانَ فَيَصْنَعُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُ: رَجُلٌ أَتَاهُ اللهُ القُرْآنَ فَنَامَ عَنْهُ بَاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَل بِهِ بِالنَّهَارْ، فَهُوَ يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ إِلى يومِ القِيامَ.

وَفي حدِيثِ عَمْرو بن شُعَيْب مَرْفُوعًا: «يُمَثَّلُ القُرآنُ يَومَ القِيَامَةِ رَجُلاً فَيُؤْتَى بالرَّجُلِ قَدْ حَمَلَهُ فَخَالَفَ أَمْرَهُ فَيَتَمَثَّلُ لَهُ خَصْمًا، فَيقُولُ: يَا رَبْ، حَمَّلْتَهُ إِيَّاي فَبِئْسَ حَامِلٌ تَعَدَّى حُدُودِي، وَضَيَّعَ فَرَائِضِي، وَرَكَبَ مَعْصِيَتِي وَتَرَكَ طَاعَتِي، فَمَا يَزَالُ يَقْذِفُ عَلَيْهِ بالْحُجَجِ حَتَّى يُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>