للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. جَنَّاتُ عَدْنٍ لَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ بِهَا ... فِي مَقْعَدِ الصِّدْقِ بَيْنَ الرَّوْضِ وَالزَّهَرِ

لَهُمْ مِنَ اللهِ مَالا شَيْءَ يَعْدِلُهُ ... سَمَاعُ تَسْلِيمِهِ وَالفَوْزُ بِالنَّظَرِ

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا تَوْفِيقًا يَقِينًا عَنْ مَعَاصِيكَ وَأَرْشِدْنَا إِلى السَّعْيِ فِيمَا يُرْضِيكَ، وَأَجِرْنَا يَا مَوْلانَا مِنْ خِزْيكَ وَعَذَابِكَ وَهَبْ لَنَا مَا وَهَبْتَهُ لأَوْلِيَائِكَ وَأَحْبَابِكَ، وَاغْفِرَ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ)

قال اللهُ تَباركَ وتعالى وَتَقَدَّس: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} .

قال بعض أهل العلم: في هذه الآية فوائد منها: أنَّ أصْل أَمْرِ المتَّقِين السَّلامَةُ وَإِنْ عَرِضَ طَيْفٌ بَعْضِ الأَحْيَان.

ومنها: إذَا مَسَّهم والْمَسَّ مُلامَسَة مِن غيرِ تمكُنٍ كالكفار فإن الشيطان يَتَجَرَّد عليهم ويَخْتَلس مِن قُلُوب المتَّقِينِ المؤمنين حِينَ تَنَامُ العُقُولُ الْحَارِسَةِ لِلْقُلُوب.

فإذا اسْتَيْقَظُوا انْبَعَثَ مِن قلوبهم جُيُوشُ الاسْتِغْفَار والذلَةِ إلى اللهِ تعالى والافتقار فاْسَترجَعُوا مِن الشيطان ما اختلسَهُ وأخذوا منه ما افَترِسَه.

ومنها: أَنَّهُ أشارَ بالطيف إلى أَنَّهُ لا يُمْكِنُهُ أَنْ يأتي القلوبَ الدائمة الْمُسْتَيْقِظَةِ إنما يأتِي القُلُوبَ في حِينَ منامِها يَرْجُو غَفْلَتَهَا ومن لا نوم لَهُ فَلا طَيف يَردُ عليه.

ومنها: أنَّ الطَيْفِ الذي في مَنَامِكَ فإذا اسْتَيْقَظْتَ فلا وُجُودَ لَهُ.

ومنها: أَنَّهُ قال: تَذَكَّرُوا ولم يَقلْ ذَكَرُوا إِشَارَةً إِلى أَنَّ الغَفْلَةَ لا يَطْرُدُهَا الذكر مِن غَفْلَةِ القلب إِنَّمَا يَطْرُدُهَا التذكر والاعتبار لأَنَّ الذكر مَيْدَانُه اللسان والتذكر مَيْدَانُه القلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>