للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَا اتَّقَيْتُ الأَرْضَ – أَوَ قَالَ: بَرْدَ الأَرْضِ - إِلا بِظَهْرِي، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ ظَهْرِهِ فَإَذَا هُوَ قَدْ بَرَصَ، أَيْ مِنْ أَثَرِ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ.

وَأَخْرَجَ أحمد عَنْ خَبَّابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً قَيِّنًا وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٍ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ. فَقَالَ: لا وَاللهِ لا أَقْضِيَنَّكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ: لا وَاللهِ لا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَث. قَالَ: فَإِنَّي إِذَا مِتُّ ثُمَّ جَئْتنِي وَلِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ فَأُعْطِيَكَ.

فَأَنْزَلَ اللهُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} إِلَى قَوْلِهِ: {وَيَأْتِينَا فَرْداً} . وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الشِّعبِيِّ قَالَ: سَأَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِلالاً عَمَّا لَقِيَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَقَالَ خَبَّابٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! انْظُرْ إِلَى ظَهْرِي. فَقَالَ عُمَرُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ. قَالَ: أَوْقَدُوا لِي نَارًا فَمَا أَطْفَأَهَا إِلا وَدَكَ ظَهْرِي.

شِعْرًا: ... إِنَّ الشَّدَائِدَ قَدْ تَغْشَى الْكَرِيمَ لأَنْ ... تُبِينُ فَضْلَ سَجَيَاهُ وَتُوضِحُهُ

كَمَبْرَدِ الْقَيِّنِ إِذْ يَعْلُو الْحَدِيدَ بِهِ ... وَلَيْسَ يَأْكُلُهُ إِلا لِيُصْلِحَهُ

قَالَ عِيسَى بْن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مُجَالَسَةً؟ قَالُوا: بَلَى يَا رُوحِ اللهِ. قَالَ: مَنْ تُذَكِّرُكُمْ بِاللهِ رُؤْيَتُهُ وَيُزِيدُكُمْ فِي عَمَلِكُمْ مَنْطِقِهِ وَيُشَوِّقُكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ عَمَلُهُ. وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ لِلْحَوَارِيِّينَ: وَيْلُكُمْ، يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا كَيَفَ تُخَالِفُ فُرُوعكُمْ أُصُولَكمْ وَأَهْوَاؤكمْ عُقُولَكمْ، قَوْلُكُمْ شِفَاءٌ يٌبْرِؤُ الدَّاءَ، وَفِعْلُكُمْ دَاءٌ لا يَقْبَلُ الدَّوَاءَ لَسْتُمْ كَالْكرْمَةِ التَّي حَسُنَ وَرَقُهَا وَطَابَ ثَمَرُهَا وَسَهُلَ مُرْتَقَاهَا، وَلَكِنَّكُمْ كَالسُّمْرَةِ التَّي قَلَّ وَرَقُهَا وَكَثُر شَوْكُهَا وَصَعُبَ مُرْتَقَاهَا.

وَيْلُكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا جَعَلْتُمْ الْعَمَلَ تَحْتَ أَقْدَامِكِمْ مَنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَجَعَلْتُمْ الدُّنْيَا فَوْقَ رُؤسِكِمْ لا يُمْكِنُ تَنَاوُلهَا فَلا أَنْتُمْ عَبِيدٌ نُصَحًا وَلا أَحْرَارٌ كِرَامٌ. وَيِلُكُمْ يَا أُجَرَاءُ السُّوءِ، الأَجْرُ تَأْخُذُونَ وَالْعَمَلَ تُفْسِدُونَ سَوْفَ تَلْقَوْنَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>