للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذَلِكَ، وأمر بستر على بابه فُنُزِعَ. وَقَالَ: «" إِنَّهُ يذكرني الدُّنْيَا» . وأعْلَمَ النَّاس أَنَّهُ لَيْسَ لأحد مِنْهُمْ حق فِي سِوَى بيت يسكنه، وثوب يواري عورته وقوت يقيم صلبه.

وأخبر أن الميت يتبعه أهله، وماله، وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله، وكَانَ يَقُولُ: «الزهد فِي الدُّنْيَا يريح الْقَلْب والبدن، والرغبة فِي الدُّنْيَا تطيل الهموم والحزن» . وكَانَ يَقُولُ: «من جعل الهموم كُلّهَا همًا واحدًا، كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم فِي أوال الدُّنْيَا لم يبال الله فِي أي أوديتها هلك» .

وأخبر أن بذل الْعَبْد مَا فضل عَنْ حاجته خَيْر لَهُ، وإمساكه شر لَهُ وأنه لا يلام على الكفاف، وأخبر أن عباد الله ليسوا بالمتنعمين فيها فَإِنَّ أمامهم دار النَّعِيم فهم لا يرضون بنعيمهم فِي الدُّنْيَا عوضًا من ذَلِكَ النَّعِيم.

" نصيحة ": إِذَا استغنى النَّاس بالدُّنْيَا، فاستغن أَنْتَ بِاللهِ، وَإِذَا فرحوا بالدُّنْيَا، فأفرح أَنْتَ بِاللهِ، وَإِذَا أُنسوا بأحبابهم فأجعل أنسك بِاللهِ، وَإِذَا تعرفوا إلى كبرائهم لينالوا بِهُمْ العزة والكرامة فتعرف أَنْتَ إِلَى اللهِ، وتودد إليه تنل بذَلِكَ غاية العز والرفعة والكرامة.

وفي حديث مناجاة مُوَسى: ولا تعجبنكما زينته ولا مَا متع به ولا تمدان إلى ذَلِكَ أعينكما، فَإِنَّهَا زهرة الدُّنْيَا، وزينة المترفين وإني لو شئت أن أزينكما من الدُّنْيَا بزينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته تعجز عَنْ مثل مَا أوتيتما فعلت.

ولكن أرغب بكما عَنْ نعيمها ذَلِكَ، وأزويه عنكما، وكَذَلِكَ أفعل بأوليائي، وقديمًا مَا أخرت لَهُمْ فِي ذَلِكَ فإني لأذودهم عَنْ نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق غنمه عَنْ مراعي الهلكة وإني لأجنبهم سلوتها،

<<  <  ج: ص:  >  >>