للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا عَارَ إِنْ زَالَتْ عَنْ الْمَرْءِ نَعْمَةٌ ... وَلَكِنْ عَارًا أَنْ يَزُولَ التَّدَيُّنُ

آخر: ... إِذَا قُدِّرَ عَلَيْكَ أُخَّيَّ أَمْرًا ... بِمَكْرُوهٍ تَعَاظَمَ أَوْ بَلِيَّهْ

فَلا تَعْجَلْ وَثِقْ بِاللهِ وَاصْبِرْ ... فَلِلرَّحْمَنِ أَلْطَافٌ خَفِيَّهَ

وَإِيَّاكَ الْمَطَامِعَ وَالأَمَانِي ... فَكَمْ أُمْنِيَّةِ جَلَبَتْ مَنِيَّهْ

وَقَالَ ابن القيم: الصبر حبس النفس عَنْ التسخط بالمقدور، وحبس اللسان عَنْ الشكوى، وحبس الْجَوَارِح عَنْ المعصية. فمدار الصبر على هَذِهِ الأركَانَ الثلاثة فإذا قام بها الْعَبْد كما ينبغي انقلبت المحنة فِي حقه منحة واستحالة البلية عطية وصار المكروه محبوبًا.

فإن الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى لم يبتله ليهلكه، وإنما ابتلاه لميتحن صبره وعبوديته، فَإِنَّ لله تَعَالَى على الْعَبْد عبودية فِي الضراء كما لَهُ عَلَيْهِ عبودية فِي السراء، وله عبودية عَلَيْهِ فيما يكره كما لَهُ عَلَيْهِ عبودية فيما يحب. أ. هـ.

شِعْرًا: ... اذا اشتد عسر فارج يسرًا فإنه ... قضى الله أن العسر يتبعه اليسر

وعرف الصبر بَعْضهمْ بأنه باعث الدين أمام باعث الهوى، فَأَمَّا باعث الدين فهو قدرة العقل على قهر الشهوة والْغَضَب، لأنهما بطغيانهما يقودان المرء إِلَى ما لا يقره الدين ولا يرضاه العقل، فإذا ثَبِّتْ العقل أمام الشهوة والْغَضَب وقام بوظيفته على الوجه المطلوب فلا يجعل لهما عَلَيْهِ سلطانًا.

ولا يسمح لهما بالطغيان، فينقاد لهما صاغرًا بل يكون هُوَ الآمْر الناهي فيسلك بهما سبيل الاعتدال، بلا إفراط ولا تفريط فإنه بذَلِكَ يستطيع بإذن الله أن يظفر بالصبر، عَنْ ما حرم الله والصبر على طاعته، وأن يحبس نَفْسهُ عَنْ الجزع عَنْدَ المصيبة، فلا يستفزه الجزع إِلَى قوله، أَوْ عمل ما لا يرضاه الله مهما كَانَ لنفسه فيه لذة.

ومن ذَلِكَ الصبر على ايذاء النَّاس إياه، فإنه إِذَا اغضبه أحد بقول أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>