للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَلاء يخص الأخيار، ولهَذَا لما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي النَّاس أشد بَلاء؟

قَالَ: «الأَنْبِيَاء ثُمَّ الأمثل فالأمثل يبتلى النَّاس عَلَى قَدْرِ دينهم فمن ثَخُنَ دينه اشتد بلاءه، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه، وإن الرجل ليصبه البَلاء حَتَّى يمشى على الأَرْض ما عَلَيْهِ خطيئة» . رَوَاهُ ابن حبان، ومنها أن يعلم أنه مملوك لله ولَيْسَ للملوك فِي نَفْسهُ شَيْء، ومنها أن يعلم أن هَذَا الواقع وقع برضى السيد فيرضى بما رَضِيَ به سيده ومولاه وَهُوَ الله جَلَّ وَعَلا رضينا به ربًا وبالإسلام دينا وبمُحَمَّدٍ رسولاً.

قَالَ بَعْضهمْ:

اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ ... وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ غَيْرَ مُخَلَّدِ

فَإِذَا ذَكَرْتَ مُصِيبَةً تَسْلُو بِهَا ... فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيّ مُحَمَّدِ

آخر: ... لا تَيْأَسَنَّ إِذَا مَا الأَمْرُ ضِقْتَ به ... ذَرْعاً ونَمْ مُسْتَريحاً خَالِي الْبَالِ

مَا بَيْنَ رَقْدَةِ عَيْن وانتبَاهَتِهَا ... يُقَلَّبُ الدَّهْرُ مِنْ حَالٍ إِلى حَالِ

ومن فَوَائِد المصائب والصبر عَلَيْهَا ما أجراه الله على الإِنْسَان مِمَّا يكرهه ما يعتاضه من الارتياض بنوائب عصره ويستفيده من استحكام الرأي والعقل بالتجارب ببَلاء دهره فيقوى عقله ويحصف رأيه بأذن الله ويكمل بأدنى شدته ورخائه ويتعظ بحالتي عفوه وبلائه.

شِعْرًا: ... إِنِّي أَقُولُ لِنَفْسِي وَهِيَ ضَيَّقَةٌ ... وَقَدْ أَنَاخَ عَلَيْهَا الضُّرُّ بِالْعَجَبِ

صَبْرًا عَلَى شِدَّةِ آلامِ إِنَّ لَهَا ... عُقْبَى وَمَا الصَّبْرُ إِلا عِنْدَ ذِي الْحَسَبِ

سَيَفْتَحُ اللهُ عَنْ قُرْبٍ بِنَافِعَةٍ ... فِيهَا لِمِثْلِكِ رَاحَاتٌ مِنَ التَّعَبِ

وأقل ما يؤتاه المُؤْمِن فِي المصائب الصبر الَّذِي يخفف وقعها على النفس وأكثره رحمة الله التي بها تتحول النقمة إِلَى نعمة بما يستفيد منه الاختبار والتمحيص وكمال العبرة والتهذيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>