للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهم انظمنا في سلك حزبك المفلحين، واجعلنا من عبادك المخلصين وآمنا يوم الفزع الأكبر يوم الدين، واحشرنا مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

" فَصْلٌ " في هديه - صلى الله عليه وسلم - في علاج حر المصيبة وحزنها

قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} .

وفي المسند عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من أحد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرًا منها» .

وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له في عاجلته وآجلته. فإنها تتضمن أصلين عظيمين - إذا تحقق العبد بمعرفتها تسلى عن مصيبته - (أحدهما) : أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقةً.

وقد جعله عند العبد عاريةً فإذا أخذه منه فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير وأيضًا فإنه محفوف بعدمين: عدم قبله، وعدم بعده، وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير. وأيضًا فإنه ليس هو الذي أوجده من عدمه حتى يكون ملكه حقيقة؛ ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ولا يبقى عليه وجوده.

فليس له في تأثير ولا ملك حقيقي. وأيضًا فإنه متصرف العبد المأمور المنهي، لا تصرف الملاك. ولهذا لا يباح من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>