للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" موعظة "

عباد الله سيجيء يوم يتغير فيه هَذَا العَالِم ينفطر فيه السماء وينتثر فيه الكوكب وتطوى السماء كطي الصحيفة يزيلها الله ويطويها جَلَّ وَعَلا وتبدل الأَرْض غير الأَرْض وينفح فِي الصور فيقوم النَّاس من قبورهم أحياء كما كَانُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حفاةً عراةً غرلاَ.

وحينئذ يحشر الكافر أعمى لا يرى أصم لا يسمَعَ أخرس لا يتكلم يمشي على وجه ليعلم من أول أنه أَهْل للإهانة ويكون أسود الوجه أزرق العينين فِي منتهى العطش فِي يوم مقداره خمسين ألف سَنة لَيْسَ بينه وبين الشمس إلا مقدار ميل إذ ذاك يقف ذاهل العقل شاخص البصر لا يرتد إليه طرفه وفؤاده هواء ويعطى كتابه بشماله أَوْ من وراء ظهره فيتمنى أنه لم يعطه.

ثُمَّ يؤمر به إِلَى النار ويسلك فِي سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا وبعد دخولها لا يخَرَجَ أبدًا ولا يزيده إلا عذابًا إِذَا استغاث من العطش يغاث بماء كالمهل يشوي الوجوه ويذيب الأمعاء والجلود تحيط بِهُمْ جهنم من كُلّ ناحية وكُلَّما نضج جلده بدل غيره.

وله مقامَعَ من حديد، كُلّ هَذَا الْعَذَاب يعانيه ولا يموت ويأتيه الموت من كُلّ مكَانَ وما هُوَ بميت ومن ورائه عذاب غليظ كما قَالَ تَعَالَى: {لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى} وسواء صبر أَوْ لم يصبر هُوَ خالد فِي هَذَا الْعَذَاب خلودًا لا نهاية لَهُ هَذَا أقصى عذاب يتصور لأنه جزاء أقصى جريمة هِيَ الكفر بِاللهِ هَذَا عذاب مجرد تصوره يطيش العقول ويذهل النُّفُوس ويفتت الأكباد فاستعذ بِاللهِ منه أيها المُؤْمِن وأسال الله التثبيت على الإِسْلام وحسن الاعتقاد.

شِعْرًا: ... إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ ... خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَليَّ رَقِيبُ

وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفَلُ سَاعَةً ... وَلا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>