للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فَصْلٌ "

وعلى العاقل الناصح لنفسه أن يحذر من مُجَالَسَة الظلمة الأطغياء والجهلة ممن غلب عَلَيْهمْ الأمن من مكر الله حَتَّى كأنهم حوسبوا وفرغ منهم، فلم يخشوا بطش الله، وسطوته ولا نار الْعَذَاب ولا بعد الحجاب، قَالَ الله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} .

وقَالَ تَعَالَى {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} فهَذَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد الأولين والآخرين كَانَ أشد النَّاس خوفًا ففي الصحيح: «أَنَا أعلمكم بِاللهِ وأشدكم لَهُ خشية» .

وَفِي صحيح الْبُخَارِيّ عَنْ أم العلاء امرأة من الأنصار أنهم اقتسموا المهاجرين أول ما قدموا عَلَيْهمْ بالقرعة، قَالَتْ فطار لَنَا - أي وقع - فِي سهمنا عثمان بن مظعون من أفضل المهاجرين وأكابرهم ومتعبديهم وممن شهد بدرًا.

فاشتكى فمرضناه حَتَّى إِذَا توفي وجعلناه فِي ثيابه دخل عَلَيْنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: رحمة الله عَلَيْكَ أبا السائب، فشهادتي عَلَيْكَ لَقَدْ أكرمك الله تَعَالَى، فقَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وما يدريك أن الله أكرمه» . فَقُلْتُ: لا أدري بأبي أَنْتَ وأمي يَا رَسُولَ اللهِ.

فقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما عثمان فقَدْ جاءه اليقين، وَاللهِ إني لأرجو لَهُ الْخَيْر» . أي فالإنكار عَلَيْهَا من حيث جزمها بتلك الشهادة من غير مستند قطعي، فكَانَ اللائق بها أن تأتي بها فِي صيغة الرجَاءَ لا الجزم كما فعل - صلى الله عليه وسلم -.

قُلْتُ: وكثيرًا ما أسمَعَ وأرى فِي الكتب قول بَعْض النَّاس (المرحوم) أَوْ (المغفور لَهُ) ولا أدري ما هُوَ مستندهم بإيرادها بصيغة الجزم والأولى أن يقَالَ المرجو لَهُ الرحمة والغفران. أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>