للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
ص:  >  >>

أثر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في حركة عثمان بن فودي الإصلاحية في غرب أفريقيا

للدكتور مصطفى مسعد

أستاذ التاريخ الإسلامي ورئيس قسم التاريخ

بكلية العلوم الاجتماعية

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

[ظهور الدعوة:]

يمثل القرن الثاني عشر للهجرة نقطة تحول هامة في تاريخ العالم الإسلامي بعامة وتاريخ الجزيرة العربية بخاصة. ذلك أن العالم الإسلامي في ذلك العصر يعاني من الانحطاط والضعف والتدهور في كثير من نواحي الحياة الدينية والسياسية والاقتصادية، بسبب تفشي الجهل ووقوعه فريسة التخلف العلمي والجمود الفكري، والانحراف عن جادة الإسلام الصحيح، وتسرب الكثير من أنواع الشرك والبدع والخرافات ١، حتى قيض الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة الإسلامية من ينهض من قلب الجزيرة العربية ليدعو إلى النهوض بالإسلام وإصلاح أحوال المسلمين، بتطهير الإسلام وتخليصه مما علق به من أدران الوثنية وغيرها من مظاهر الشرك. وصاحب هذه الدعوة المباركة هو الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- (١١١٥- ١٢٠٦ هـ) .

لقد أدرك الشيخ- رحمه الله- أن مصدر هذا التدهور والانحلال ابتعاد المسلمين عن الإسلام الصحيح، حتى لقد انتشرت أنواع خطيرة من الشرك ودعوة الأحياء والأموات من الأولياء والصالحين، وإشراكهم فيما يعبد الله به من الذبح والنذور والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق لله وحده لا شريك له، بل النزول إلى تقديس الجمادات كالأحجار والأشجار، والاعتقاد في قدرتها على جلب النفع ودفع الضر٢.

نهض الشيخ- رحمه الله- بعبء الدعوة بالرجوع إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وآثار السلف الصالح، ومقاومة البدع والخرافات التي ألصقت بالإسلام، وبمعنى


١ حسين بن غنام: تاريخ نجد (روضة الأفكار والأفهام) تحرير: ناصر الدين الأسد ص ١٠- ١٩.
٢ محمد بن عبد الوهاب: القسم الخامس من مؤلفات الشيخ (الرسائل الشخصية نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ص ٣٦.

 >  >>