للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أكبر منه:]

من أهم ضوابط وشروط إنكار المنكر ألا يؤدي إنكاره إلى منكر أكبر منه وقد قرر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هذه القاعدة الأساسية في حسبته, فقال في رسالته التي أرسلها إلى إخوانه من أهل سدير:

"يذكر العلماء أن إنكار المنكر إذا صار يحصل بسببه افتراق لم يجز إنكاره, فالله الله١ في العمل بما ذكرت لكم والتفقه فيه فإنكم إن لم تفعلوا صار إنكاركم مضرة على الدين"٢

وقال الشيخ الإمام رحمه الله في الرسالة نفسها معاتبا من يخالف هذه القاعدة:

"إن بعض أهل الدين ينكر منكرا وهو مصيب لكن يخطئ في تغليظ الأمر إلى شيء يوجب الفرقة بين الإخوان"٣.

والشيخ رحمه الله حينما يقرر هذه القاعدة الأساسية في الحسبة لم ينطلق من فراغ ولم يأت بها من تلقاء نفسه إنما كان رحمه الله مرآة صافية تعكس إشعاع العلم الذي أمضى في طلبه حينا من الدهر وهذه القاعدة في فقه إنكار المنكر القاضية بعدم مشروعية الإنكار إذا ترتب عليه حدوث منكر أعظم منه مستمدة من القاعدة الأصولية المعروفة: " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"٤.

قال العز بن عبد السلام رحمه الله: "إذا اجتمعت مصالح ومفاسد فإن أمكن


١-هذه العبارة من ألفاظ العامة يقصد بها التأكيد على الأمر.
٢-الرسائل الشخصية – الرسالة الرابعة والأربعون ص ٢٩٦- , الدرر السنية في الأجوبة النجدية ٧/٢٥.
٣-المرجع السابق- الموضع نفسه.
٤-إيضاح السالك إلى قواعد الإمام مالك ص ٢١٩- القاعدة الرابعة والثلاثون للونشريسي تحقيق أحمد بو طاهر الخطابي –ن اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي- الرباط "١٤٠٠هـ-١٩٨٠م" –ط/مطبعة فضالة المحمدية – المغرب.

<<  <   >  >>