للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الكفر أغلظ, وفي الإيمان أفضل:١

واعلم أن الكفر بعضه أغلظ من البعض, فالكافر المكذب أعظم جرما من الكافر غير المكذب, فإنه جمع بين ترك الإيمان المأمور به وبين التكذيب المنهي عنه. ومن كفر وكذب وحارب الله ورسوله والمؤمنين بيده أو لسانه أعظم جرما ممن اقتصر على مجرد الكفر والتكذيب, ومن كفر وقتل وزنا وسرق وصد وحارب كان أعظم جرما.

كما أن الإيمان بعضه أفضل من بعض, والمؤمنون فيه متفاضلون تفاضلا عظيما, وهم عند الله درجات, كما أن أولئك دركات فالمقتصدون في الإيمان أفضل من ظالمي أنفسهم, والسابقون بالخيرات أفضل من المقتصدين, {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ... } ٢ الآيات, {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ} ٣.

وإنما ذكرنا أن أصل الإيمان مأمور به, وأصل الكفر نقيضه, وهو ترك هذا الإيمان المأمور به وهذا الوجه قاطع بين.


١-ص ٨٧ ج٢٠ مجموع الفتاوى.
٢- الآية ٩٥ النساء.
٣- الآية ١٩ التوبة.

<<  <   >  >>