للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيه بين السلف والخلف من غير نكير من بعضهم على بعض، فإذا رأيتم من يعمل ببعض هذه الأقوال المذكورة بالمنع، مع كونه قد اتقى الله ما استطاع لم يحل لأحد الإنكار عليه، اللهم إلا أن يتبين الحق فلا يحل لأحد أن يتركه لقول أحد من الناس، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلفون في بعض المسائل من غير نكير، ما لم يتبين النص.

فينبغي للمؤمن أن يجعل همه وقصده معرفة أمر الله ورسوله في مسائل الخلاف والعمل بذلك، ويحترم أهل العلم ويوقرهم ولو أخطؤوا لكن لا يتخذهم أربابا من دون الله، هذا طريق المنعم عليهم وأما اطراح كلامهم وعدم توقيرهم فهو طريق المغضوب عليهم. واتخاذهم أربابا من دون الله وإذا قيل: قال الله قال رسول الله قال: هم أعلم منا بهذا، هو طريق الضالين. ومن أهم ما على العبد وأنفع ما يكون له معرفة قواعد الدين على التفصيل، فإن أكثر الناس يفهم القواعد ويقر بها على الإجمال، وَيَدَعُها عند التفصيل.

وقال أيضا: اختلفوا في الكتاب وهل يجب تعلمه واتباعه على المتأخرين لإمكانه، أم لا يجوز للمتأخرين لعدم إمكانه؟

فحكم الكتاب بينهم بقوله تعالى: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً} ١ الآية، وقوله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} ٢ وقوله: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} ٣.


١ سورة طه آية: ٩٩-١٠٠.
٢ سورة طه آية: ١٢٤.
٣ سورة الزخرف آية: ٣٦.

<<  <   >  >>