للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب السابع والأربعون: باب العطف]

[عدد حروف العطف]

إن قال قائل: كم حروف العطف؟ قيل: تسعة: الواو، والفاء، وثم، وأو، ولا، وبل، ولكن، وأم، وحتى.

[علة كون الواو أصل حروف العطف]

فإن قيل: فَلِمَ١ كان أصل حروف العطف الواو؟ قيل: لأنَّ الواو، لا تدل على أكثر من الاشتراك فقط، وأما غيرها من الحروف، فتدلُّ٢ على الاشتراك، وعلى معنى زائدٍ على ما سَنُبَيِّن، وإذا كانت هذه الحروف، تدل على زيادة معنى ليس في الواو، صارت الواو بمنزلة الشيء المفرد (والباقي بمنزلة المركب) ٣؛ والمفرد أصل للمركَّب.

[الواو تفيد الجمع دون الترتيب ودليل ذلك]

فإن قيل: فما الدليل على أن الواو تقتضي الجمع دون الترتيب؟ قيل: الدليل على ذلك قوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} ٤، وقال في موضع آخر: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} ٥ ولو كانت الواو تقتضي الترتيب لما جاز أن يتقدَّم في إحدى الآيتين ما يتأخَّر في الأخرى.

(و) ٦ قال لبيد٧: [الكامل]

أُغلي السّباءَ بكلِّ أَدْكَنَ عَاتِقٍ ... أَو جَونَة قُدِحَت وَفُضَّ خِتَامُهَا٨


١ في "س" لِمَ.
٢ في "س" فيدل.
٣ سقطت من "س".
٤ س: ٢ "البقرة، ن: ٥٨، مد".
٥ س: ٧ "الأعراف، ن: ١٦١، مد".
٦ سقطت من "ط".
٧ لبيد: سبقت ترجمته.
٨ المفردات الغريبة: أُغلي السّباء: أجعل ثمنها غاليًا. والسّباء: الشراء. الأَدكن: الأغبر.
عاتِق: شراب جيد معتق. الْجَون: الأسود المشرب حمرة؛ ومُؤَنَّثه: الْجَونة؛ والجونة في البيت: زق الخمرة، أو القدر، أو الخابية.
موطن الشاهد: "قُدحت وفُضَّ ختامُها".
وجه الاستشهاد: مجيء "الواو" عاطفةً مُفيدة للجمع دون الترتيب؛ لأنَّ القدح -الغرف- يكون بعد الفضّ -كشف الغطاء- ولو كانت الواو تفيد التَّرتيب؛ لقال: فُضَّ ختامها، وقُدِحت.

<<  <   >  >>