للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب: يتكلم فيه بفَعَلْت مما تغلط فيه العامة فيتكلمون بِأَفْعَلْت

تقول: نَعَشَهُ الله يَنْعُشُهُ، أي رفعه الله، ومنه سمي النَّعْش نَعْشًا لارتفاعه ولا يقال أنعشه الله, وتقول: قد نَجَعَ فيه الدواء وقد نَجَعَ في الدابة العلف يَنْجَع، ولا يقال قد أَنْجَعَ فيه, ويقال: قد نَبَذت نَبِيذًا, وقد نَبَذت الشيء من يدي إذا أَلْقَيْتُهُ، فقال أبو محمد: أنشدني غير واحد:

نظرت إلى عنوانه فَنَبَذتُهُ ... كَنَبذك نعلاً أخلقت من نعالكا

ومنه قول الله عز وجل: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: الآية ١٨٧] , ويقال: وجد فلان صبياً مَنْبُوذًا, ولا يقال: أَنْبَذْتُ نَبِيذًا, وقد شَغَلتُهُ ولا يقال أَشْغَلْتُهُ, ويقال: قد سَعَرَهُم شراً، ولا يقال: أَسْعَرَهُم, وقد رَعَبتُهُ إذا أفزعته، وكذلك رَعَبت الحوض إذا ملأته، وهو مَرْعُوْب, قال الهذلي ١:

نقاتل جوعهم بمكللات ... من الفرني يَرْعَبُهَا الجميل

ويروى: "نقابل جوعهم", أي تملؤها الإهالة, ويقال: جَمَلت الشحم إذا أَذَبته، وكذلك اجتَلَمت, وقال الآخر٢:

بذي هيدب أيما الربا تحت وَدْقه ... فَتَروى وأيما كل وادٍ فَيَرْعَبُ

أيما: في معنى أما, وقد هَزَلت دابتي، وكذلك هَزَل في منطقه يَهْزِلُ هزلاً ويقال: قد أَهْزَلَ الناس: إذا وقع في أموالهم الهُزَال, وقد كَفَأت الإناء فهو مَكْفُوْء إذا قلبته, ويقال: قد قَلَبت الشيء أَقْلِبُه قلباً, وقد قَلَبت الصبيان وَصَرَفتهم، بغير ألف, وقالوا: أَقْلَبَت الخُبْزة، إذا نضجت وأنى لها أن تُقْلَب، وقد وَقَفت دابتي، وقد وَقَفت وَقْفًا للمساكين، وَوَقَفته على ذنبه كله بغير ألف وحكى الكسائي: ما أَوْقَفَك ها هُنا؟


١ هو أبو خراش الهذلي, كما في: "اللسان": فرن.
٢ هو مليح بن الحكم الهذلي, كما في: "اللسان": رعب.

<<  <   >  >>