للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتفكيره، كمن يروم صعود الجبل العالي الأشم يبدؤه أوّلاً برفع بصره إلى القمة التي سيسعى إليها ويوطن نفسه على ما يتطلبه الوصول إليها من تضحيات، ثم يحتاج إلى السعي والجهد والعزم غير ملتفت إلى المشقة والجهد والعرق والوقت!.

أما من يريد السقوط من أعلى إلى أسفل فلا يحتاج إلى ذلك الجهد، ولكنه قد يسقط سقطة لا يقوم منها أبداً!!. مثله مثل الإنسان الذي يكون في قمة جبل فلو رغب في السقوط فماذا يعمل سوى أن يرمي بنفسه من فوق إلى أسفل؟!.

حقاً ليست العبرة دائماً بمقدار الثمن ولكن بالنتيجة والمُثَمَّنِ، وقد اقتضت سنة الله تعالى في الحياة أن يَبْذل الإنسان لكل شيء ما يناسبه، فللدنيا سعي وللآخرة سعي!! وللفضائل سعيٌ وللرذائل سعيٌ!!.

{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} ١.

والصبر بأنواعه المختلفة مِن أهم عُدّة المجاهِد نفسه، ومِن أهم ما يَحتاجه في هذا الباب الصبر عن الشهوة؛ فإنها هي التي أردتْ أكثر مَن سَقط من الناس، وإنما يَقوى على هذا الصبر مَن جاهَدَ نفسه لله، وعَوّدها النظرَ في عواقب الأمور كلها؛ ثم عامَلَ تلك الأمور بما تستحقّه من المواقف، والتوجّهات، والأقوال، والأعمال. ومِن هذا القبيل النظر في عواقب الاستجابة للشهوة، أياً كانت هذه الشهوة، حلالاً أم حراماً؛ فإنّ لكلّ عَمَلٍ عاقِبَةً، ولكلِّ خطوةٍ نتيجةً، لك أو عليك!.


١ ١٩: الإسراء: ١٧.

<<  <   >  >>