للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا يبيّن لنا خطورة هذه المعصية.

ويبين لنا أن هذه المعصية من جملة المعاصي التي يُعاقَبُ صاحبُها بالصرف عن الحق وعن المعرفة والهدى.

إن هذا كله يؤكد أن صلة الرحم ليست حقاً للموصول فقط بل هي حقٌ للواصل أيضاً كما أنها حق واجب عليه؛ لأنه متضرر إن لم يفعل، ومنتفع إن فعل حيث تعود عليه صلة الرحم بعواقب الفعل الجميل في الدنيا وفي الآخرة وعند الناس وعند الله.

وصلة الرحم لله طاعة لا تتجزأ فمن يقدّر صلة الرحم لله حق قدرها فإنه لا يخصّ بها أحداً دون أحد، كما يفعله بعض الناس اليوم، فيصلون رحماً ويقطعون أخرى، كما أن من كان رحيماً تراه رحيماً بكل من يستحق الرحمة شرعاً دون أن يخص أحداً من مستحقيها ويترك الباقين، أو لا يرحم بعض الناس ويقسو على آخرين، وإلا لكانت تلك الرحمة كرحمة بعض الوحوش بأولادها إلى جانب افتراسها ما سواهم!!. إن الرحمة لا تخص أحداً من مستحقيها، وهكذا صلة الرحم يجب أن تكون، وإلا لكانت صلة البهائم ببعضها.

والصلة أنواع: فهي تكون بالمال، وتكون بالجاه، وتكون بالنصيحة والرأي والمشورة، وبالعمل البدني، وبالزيارة، وبالدعاء، وبالشكر، وبالثناء. ومن الخطأ الفادح أن يُظَن أنها نوع واحد كالمال مثلاً.

وعلى المرء أن يأخذ بهذه الأنواع كلها ويضع كلاً منها في موضعه المناسب حسب حال رَحِمِه وحسب قدرته. ورُبّ مستغن عن المال وهو في أشد الحاجة إلى الرأي أو النصيحة أو المساعدة البدنية. ورُبّ عاجز عن بذل المال ولكنه قادر على الرأي والنصيحة.

<<  <   >  >>