للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد بالمحبة هنا محبة العبودية المستلزمة للذل والخضوع وكمال الطاعة وإيثار المحبوب على غيره؛ فهذه المحبة خالصة لله، لا يجوز أن يشرك معه فيها أحد؛ لأن المحبة قسمان: محبة مختصة، وهي محبة العبودية التي تستلزم كمال الذل والطاعة للمحبوب، وهذه خاصة بالله - سبحانه تعالى، والقسم الثاني محبة مشتركة، وهي ثلاثة أنواع:

النوع الأول: محبة طبيعية؛ كمحبة الجائع للطعام.

النوع الثاني: محبة إشفاق؛ كمحبة الوالد لولده.

النوع الثالث: محبة أنس وألف؛ كمحبة الشريك لشريكه والصديق لصديقه.

وهذه المحبة بأقسامها الثلاثة لا تستلزم التعظيم والذل، ولا يؤاخذ أحدبها، ولا تزاحم المحبة المختصة؛ فلا يكون وجودها شركا، لكن؛ لا بد أن تكون المحبة المختصة مقدمة عليها.

والمحبة المختصة - وهي محبة العبودية - هي المذكورة في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} ١.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله على هذه الآية: "أخبر تعالى أن من أحب من دون الله شيئا كما يحب الله تعالى؛ فهو ممن اتخذ من دون الله أندادًا في الحب والتعظيم".

وقال ابن كثير رحمه الله: "يذكر تعالى حال المشركين في الدنيا وما لهم في الآخرة من العذاب والنكال؛ حيث جعلوا لله {أَنْدَاداً} ؛ أي أمثالاً ونظراء، {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} ؛ أي: يساوونهم بالله في المحبة والتعظيم".


١ سورة البقرة، الآية: ١٦٥.

<<  <   >  >>