للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول: إن خيلهم قيام على أبواب بيوتهم، وأعداءهم يخافون طلوعها عليهم فكأنها تعدوا في قلوبهم من خوفهم.

وأنفسهم مبذولةٌ لوفودهم ... وأموالهم في دار من لم يفد وفد

يقول: من قصدهم بذلوا له أنفسهم، ومن لم يقصدهم أنفذوا إليه صلاتهم وأنعموا عليه بأموالهم، فكأن أموالهم وفد.

ومثله لأبي تمام قوله:

فإن لم يفد يوماً إليهن طالبٌ ... وفدن إلى كل امرىءٍ غير وافد

كأن عطيات الحسين عساكرٌ ... ففيها العبدي والمطهمة الجرد

المطهمة: الخيل التامة الخلق، الكاملة الحسن.

يقول: إنه يهب العبيد والخيل والسلاح، فكأن ما يهبه عسكراً لكثرته.

أرى القمر ابن الشمس قد لبس العلا ... رويدك حتى يلبس الشعر الخد

شبهه بالقمر، وآباءه بالشمس؛ لشرفهما وعلوهما، إشارة إلى أنه اكتسب شرفه من أبيه كما يكتسب القمر نوره من الشمس، ثم قال: رويدك أي أمهل حتى تبلغ مبلغ الرجال. وهذا قلب ما ذكره الحكمي في قوله:

وترى السادات مائلةً ... لسليل الشمس من قمره

وغال فضول الدرع من جنباتها ... على بدنٍ قد القناة له قد

غال الشيء: إذا أهلكه. والهاء في جنباتها للدروع.

يقول: إن الممدوح أذهب بالدروع وفضولها أي استوفاها بقده، فكأن طوله قد القناة؛ لاعتداله.

وباشر أبكار المكارم أمرداً ... وكان كذا آباؤه وهم مرد

أبكار المكارم: هي المبتدئات منها التي سبق الممدوح إليها.

يعني: أنه سئل وهو أمرد، وكذلك كان آباؤه، فهو يجري على عادتهم أيضاً وسننهم.

مدحت أباه قبله فشفى يدي ... من العدم من تشفي به الأعين الرمد

يقول: مدحت أباه قبل مدحه، فشفاني من الفقر وأغناني، من إذا نظرت إليه الأعين الرمد، شفاها! ومثله لابن الرومي:

يا أرمد العين قم قبالته ... فداو باللحظ نحوه رمدك

حباني بأثمان السوابق دونها ... مخافة سيري، إنها للنوى جند

مخافة: نصب لأنه مفعول له.

يقول: أعطاني أبوك الدراهم والدنانير دون الخيل؛ خوفاً من أن أخرج عليها من حضرته؛ لأن الخيل معينةٌ على البعد، وجند له..

وشهوة عودٍ، إن جود يمينه ... ثناءٌ ثناءٌ، والجواد بها فرد

شهوة: نصب عطفاً على مخافة، والهاء في بها للأثمان. والألف واللام في الجواد بمعنى الذي. أي الذي يجود.

يقول: أعطاني أثمانها دونها مخافة سيري بها، وشهوةً منه أن يعود إلى العطاء؛ لأن جوده لا يقتصر على مرة واحدة، بل هو مثنى مثنى، أي إن عادته أن يجود مرتين مرتين. والذي يجود به فرد: أي الممدوح فرد لا ثاني له في شرفه، كما لا نظير له في زمانه وأقرانه.

فلا زلت ألقى الحاسدين بمثلها ... وفي يدهم غيظٌ وفي يدي الرفد

بمثلها: أي بمثل العطايا. وهي الأثمان.

يقول: دام لي عطاؤه ورفده حتى أغيظ بهما حسادي، فيكون معهم غيظ ومعي عطاء! وهذا دعاء لنفسه وعلى الحاسدين له.

وعندي قباطي الهمام وماله ... وعندهم مما ظفرت به الجحد

القباطي: جمع القبيطة، وهي ثياب مصر. والقبيطة منسوب إلى القباط وهم نصارى. كالذين يسكنون ريف مصر ورساتيقها، بمنزلة سواد العرب.

يقول عطفاً على دعائه الأول: لا زلت أبداً آخذ خلعه وأمواله وحسادي يجحدون ما ظفرت به لغيظهم فيقولون: لم يعطه شيئاً! ليطيبوا بذلك أنفسهم. وقيل: أراد أنهم يجحدون نعمه ويقولون: لم يعطه شيئاً، حتى يكون جحودهم سبباً لانقطاع صلاته عنهم.

يرومون شأوى في الكلام وإنما ... يحاكي الفتى فيما خلا المنطق، القرد

يقول: إن الحساد يحاولون بلوغ غايتي في الفصاحة والبيان، وهم قرود! والقرد يحاكي الإنسان في أفعاله، إلا في النطق فكيف يقدرون على ذلك؟!

فهم في جموعٍ لا يراها ابن دأيةٍ ... وهم في ضجيجٍ لا يحس به الخلد

ابن دأية: الغراب. ويوصف بحدة البصر والخلد: الفأرة العمياء، وتوصف بحدة السمع، وصدق الحس.

يقول: إنهم من قلتهم وخستهم لا يراهم الغراب مع حدة بصره، وإن كانوا كثيرين في العدد ولهم أصوات وضجيج، ومع ذلك فالخلد لا يحس بها مع صحة السمع.

ومني استفاد الناس كل غريبةٍ ... فجازوا بترك الذم إن لم يكن حمد

كل غريبة: أي كل لفظ غريب، أو معانٍ غريبة، أو خصلة.

وفي جازوا قولان:

<<  <   >  >>