للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه الأئمة من الصدر الأول بأن ظهر منهم الاختلاف في تلك الحادثة ولم تجر بينهم المحاجة بذلك الحديث" (١) . وأكثر من اهتم بهذا القسم الحنفية.

وأهم ما تم به توثيق متون السنة بعد صحة السند ما يلي:

١. عرض المتن الذي ثبت في خبر الآحاد على كتاب الله عز وجل.

وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالف القرآن، وكيف يخالفه والله سبحانه وتعالى يقول:

{وَلَوْتَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ مَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة:٤٤-٤٧] . وكانت عائشة رضي الله عنها تفعل ذلك، وقصتها مع حديث: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" (٢) ، وعرضها هذا الحديث على قوله تعالى: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:٣٨-٣٩] مشهورة (٣) .

وعليه ذهب الحنفية إلى أن خبر الواحد لا يكون صحيحًا إذا خالف كتاب الله عز وجل فإذا ورد مخالفًا له كان هذا دليلاً على عدم صحته. واتبع الإمام مالك ذلك أيضًا فاختار عرض الدليل من السنة على الكتاب فإن دلّ على التحريم وخالف ظاهر الكتاب لم يذهب الإمام مالك إلى التحريم ومثال ذلك موقفه من أكل ذي المخلب من الطير وذي ناب من السباع (٤) .


(١) أصول السرخسي ١/٣٦٤.
(٢) متفق عليه، انظر: محمد فؤاد عبد الباقي/ اللؤلؤ والمرجان، كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، (٥٣٦) ص ٢٤٠-٢٤١.
(٣) الصنعاني/ سبل السلام: ٢/١١٦.
(٤) المرجع السابق: ٤/٧٢-٧٣.

<<  <   >  >>