للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[تاريخ الاستشراق وتطوره]

إن المتمعن في تاريخ الاستشراق سيجد أن جذوره تمتد إلى الصدر الأول من الإسلام، متمثلاً باليهود والنصارى الذين لم يألوا جهدًا من أجل محاربة هذا الدين، وذلك بالطعن فيه والهمز واللمز في أحكامه وتشريعاته، واتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بالمجنون والساحر والشاعر، يقول الله تعالى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} [الأنبياء: ٥] ، ويقول جلّ ذكره عنهم أيضًا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً} {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان: ٤-٥] . وقوله: {إِِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَر} {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [سورة المدثر: ٢٤-٢٥] .

وقد اتخذ هؤلاء المشركون سبلاً كثيرة للطعن في هذا الدين لإعراض الناس عنه، فتارة يحرفون آياته وتارة يكتمون الحق وهم يعلمون، وأخرى يشككون فيه بالطعن في الوحي نفسه، يقول الله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: ٧٥] . ويقول جل ذكره: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ

<<  <   >  >>