للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فطن الفؤاد لما أتيت على النوى ... ولما تركت مخافة أن تفطنا]

يقول قلبك يعرف ما فعلته في حال بعدك وما تركته فلم أفعله خوفا من أن تعلم فتعاتبني عليه وكان قد وشى به إليه وكأنه قد اعترف بتقصير منه لأن سياق الأبيات يدل عليه

أضحى فراقك لي عليه عقوبةً ... ليس الذي قاسيت فيه هينا

عليه أي على ما فعلته يقول صار فراقك عقوبةً لي على ما فعلته مما كرهته

فاغفر فدى لك واحبني من بعدها ... لتخصني بعطيةٍ منها أنا

أراد فأغفر لي أي ذنبي الذي جنيته فدى لك نفسي وأعطني بعد المغفرة لأكون مخصوصا بعطية منها نفسي يعني إذا عفوت عني واعطيتني كنت قد خصصتني بعطاء أنا من جملته

وأنه المشير عليك في بضلةٍ ... فالحر ممتحن بأولاد الزنا

كان الأعور بن كروس قد وشى به إلى بدر بن عمار لما سار وتأخر عنه المتنبي وجعل قبوله منه ضلةً أي أن اطعته فيّ ضللت يهدده بالهجاء ويجوز أن يريد بالضلال ما يؤمر به من هجران المتنبي وحرمانه وهذا أولى مما ذكر ابن جنى من التهديد وعنى بالحر نفسه وبأولاد الزنا الوشاة ومثله للطاءي، وذو النقص في الدنيا بذي الفضل مولع، وهذا من قول مروان ابن أبي حفصة، ما ضرني حسد اللئام ولم يزل، ذو الفضل يحسده ذون التقصير،

[وإذا الفتى طرح الكلام معرضا ... في مجلس أخذ الكلام اللذ عني]

يعني أنه قد عرض بذكر أولاد الزمنا وقد فهمه من عناه بهذا الكلام

[ومكائد السفهاء واقعة بهم ... وعداوة الشعراء بئس المقتنى]

يعني السعاة والوشاة الذين وشوا به يقول كيدهم يعود عليهم بالشر

[لعنت مقارنة اللئام فإنها ... ضيف يجر من الندامة ضيفنا]

يقول مخالطة اللئيم مذمومة ملعونة لأن عاقبتها الندامة فهي كضيف معه ضيف من الندامة

[غضب الحسود إذا لقيتك راضيا ... رزء أخف على من أن يوزنا]

[أمسى الذي بربك كافرا ... من غيرنا معنا بفضلك مؤمنا]

أى أمسى من يكفر بالله من غيرنا مؤمنا بفضلك معنا يعني أن من يخالفنا في الأيمان يوافقنا في الإقرار بفضلك

[خلت البلاد من الغزالة ليلها ... فأعاضهاك الله كي لاتحزنا]

الغزالة اسم الشمس يقول جعلك الله عوضا من الشمس للبلاد وأهلها عند فقد الشمس بالليل كي لا يحزنوا وسيبويه لا يجيز تقديم ضمير الغائب المتصل على الحاضر في مثل قولك ما فعل الرجل الذي أعطاهوك زيد على معنى الذي أعطاه إياك فتأتي بالضمير المنفصل وتدع المتصل وأبو العباس يجيزه والصواب عند سيبويه فأعاضها أياك والشعر موقف ضرورة فيجوز فيه ما لا يجوز في غيره ويقال عاضه وأعاضه وعوضه بمعنى وأمر بدر أن يحجب الناس عنه

أصبحت تأمر بالحجاب لخلوةٍ ... هيهات لست على الحجاب بقادر

[من كان ضوء جبينه ونواله ... لم يحجبا لم يحتجب عن ناظر]

أما ضوء الحبين فمن قول قيس ابن الخطيم، قضى لها الله حين يخلقها الخالق أن لايكنها سدف، وأما ذكر الجود فمن قول أبي تمام، يا أيها الملك الناءي برؤيته، وجوده لمراعي جوده كثب، وقد قال أبو نواس، ترى ضوءها من ظاهر الكأس ساطعاً، عليك لو غطيتها بغطاء،

[فإذا احتجبت فأنت غير محجب ... وإذا بطنت فأنت عين الظاهر]

هذا من قول الطاءي، فنعمت من شمس إذا حجبت بدت، من خدرها فكأنها لم تحجب وسقاه بدر ولم يكن له رغبة في الشراب فقال

[لم تر من نادمت الأكا ... لا لسوى ودك لي ذاكا]

من هاهنا نكرة بمنزلة أحد والاك فيه قبح والوجه إلا أياك لأن إلا ليست لها قوة الفعل ولا هي أيضا عاملة وهو يجوز في الضرورة كقوله، فما نبالي إذا ما كنت جارتنا، ألا يجاورنا إلاك ديار، يقول لم ترك أحدا نادمته غيرك وليس ذلك لشيء سوى ودك لي أي إنما أنادمك لأنك تودني لا لمعنى آخر

[ولا لحبيها ولكنني ... أمسيت أرجوك وأخشاكا]

كنى عن الخمر ولم يجر لها ذكر يقول لست أنادمك لحب الخمر ولكن لأنك مرجو مهيب وقال أيضا

[عذلت منادمة الأمير عواذلي ... في شربها وكفت جواب السائل]

يقول من عذلني في شرب الخمر عذلته منادمتين الأمير لأن منادمته شرف والشرف مطلوب وليس للعاذل أن يعذل فيما يورث الشرف وكفت جواب سائل يسأل فيقول لم تشرب الخمر ولم تنادمه بما حصلت لي من الشرف

<<  <   >  >>