للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي أنه شجاع في اللقاء فصيح عند القول قادر عليه أخذ باطراف الكلام الذي شق بعضه من بعض والمعنى أنه يأتي بالتجنيس إذا تكلم وإنما قال لعوب لاقتداره عليه

كسائله من يسأل الغيث قطرةً ... كعاذلهِ من قال للفلك أرفقِ

يقول من سأل الغيث قطرةً فقد قصر في السؤال كذلك سائله وإن سأل الكثير كان مقصرا عند ما تقتضيه همته من البذل وأراد بالسائل ههنا من يسأل الكثير ودل على أن المراد هذا معنى القول وفحوى الخطاب وعاذله في الجود غير مطاع بل هو قائل محالا كمن قال للفلك أرفق في حركتك وقال ابن جنى كما أن الغيث لا تؤثر فيه القطرة فكذلك سائله لا يؤثر في ماله قال العروضي هذا الذي قاله أبو الفتح على خلاف العادة في المدح لأن العرب تتمدح بالأعطاء من القليل والمواساة مع الحاجة قال الله تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ وقال الشاعر، ولم يكن أكثر الفتيان مالا، ولكن كان أرحبهم ذراعا، والذي فسره مدح بكثرة المال لا الجود وإنما أراد أن من عادة الغيث أن يقطر وذلك طبعه فسائله مستغنٍ عن تكليفه ما هو في طبعه ونحو هذا قال ابن فورجة يقول من يسأل الغيث قطرةً فقد تكلف ما استغنى عنه إذ قطرات الغيث مبذولة لمن أرادها كذلك سائل هذا الممدوح متكلف ما لا حاجة به إليه إذا هو يعطى قبل السؤال

لقد جدت حتى جدت في كل ملةٍ ... وحتى أتاك الحمدُ من كل منطقِ

أي عم جودك أهل الملل وحمدك أهل كل لغة من اجناسها لما نالوا من برك وإحسانك

رأى ملك الروم ارتياحك للندى ... فقام مقام المجتدى المتملقِ

رأى معناه علم يقول علم نشاطك للجود فتملق إليك تملق السائل

[وخلى الرماح السمهرية صاغرا ... لأذرب منه بالطعان وأحذق]

أي تركها صغارا لا اختيارا لمن هو احذق بالطعان وأجرى عادةً به منه والمعنى ترك الحرب صاغرا واستأمن بالكتاب

وكاتب من أرضٍ بعيدٍ مرامها ... قريبٍ على خيلٍ حواليك سبقِ

أي كاتب من بعد أرضه ولكنها قريبة على خيلك وإنما قال بعيد وقريب لأنه أراد بالأرض المكان

وقد سار في مسراك منها رسولهُ ... فما سار إلا وق هامٍ مفلقِ

يذكر كثرة قتلاه في أرض الروم وأن الرسول سار في طريق سيف الدولة فما سار إلا فوق هام قتلى

فلما جنا اخفى عليه مكانه ... شعاع الحديد البارق المتألقِ

يريد أن بريق الحديد والأسلحة أعشى بصره حتى لم ير مكانه ولم يبصر موضعه لشدة لمعان الحديد

وأقبل يمشي في البساط فما درى ... إلى الحبرِ يسعى أم إلى البدر يرتقي

ويروي في السماط وهو صف يقومون بين يدي الملك يقول أقبل الرسول يمشي إليك بين السماطين فتصور له منك البحر في السخاء والبدر في العلاء فلم يدر أنه يمشي إلى البحر أم إلى البدر

ولم يثنك الأعداء عن مهجاتهم ... بمثل خضوعٍ في كلامٍ منمقِ

أي ليسوا يصرفونك عن إراقة دمائهم بشيء مثل أن يخضعوا لك في كتاب يكتبونه

[وكنت إذا كاتبته قبل هذه ... كتبت إليه في قذال الدمستق]

جعل أثر السيوف في رأسه بالجراحات كالكتاب إليه لأنه يتبين به كيفية الأمر وهذا إجمال ما فصله أبو تمام في قوله، كتبت أوجههم مشقا ومنمةً، ضربا وطعنا يقات الهام والصلفا، كتابةً لا تنى مقروءةً أبدا، وما خططت بها لاما ولا ألفا، فإن ألطوا بإنكارٍ فقد تركت، وجوههم بالذي أوليتهم صحفا،

فإن تعطه بعض الأمانِ فسائلٌ ... وإن تعطهِ حد الحسامِ فأخلقِ

أي أن اعطيته ما يطلب من الأمان فهو سائل يسألك أي أنت لا تخيب السائل وإن قتلته فهو خليق بذلك لأنه كافر حربي مباح الدم

وهل ترك البيض الصوارمُ منهمُ ... حبيسا لفادٍ أو رقيقا لمعتقِ

يريد أنك عممتهم بالقتل فلم تترك اسيرا يفدي أو رقيقا يعتق

[لقد وردوا ورد القطا شفراتها ... ومروا عليها رزدقا بعد رزدق]

وردوا شفرات الصوارم كما ترد القطا المناهل والرزدق الصف من الناس وهو معرب رسته

بلغت بسيف الدولة النور رتبةً ... أنرت بها ما بين غرب ومشرقِ

وصفه بالنور لبعد صيته وشهرة اسمه في الناس كشهرة النور المستضاء به وهو أنه بلغ بخدمته ربتة مشهورة لو كانت نورا لأضاء ما بين المشرق والمغرب

إذا شاء أن يلهو بلحيةِ أحمقٍ ... أراهُ غباري ثم قال له الحقِ

<<  <   >  >>