للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كسفت ساعة ما تكسف الشم ... س وعادت ونورها في إزديادِ

يريد ما كان بينكما من الوحشة ثم زالت كالشمس تكسف ثم يزول كسوفها

يزحم الدهر ركنها عن أذاها ... بفتًى ماردٍ على المرادِ

يعني بالركن قوتها وسعادتها يقول ركن هذه الدولة يدفع الدهر عن أذاها بفتى مارد وهو كافور على المراد يعني أنه لا ينقاد لمن مرد عليه وعصي

متلفٍ مخلفٍ وفيٍّ أبيٍّ ... عالمٍ حازمٍ شجاعٍ جوادِ

متلف للمال بالعطاء مخلف كسوب للمال إذا أتلفه فيأتي له بخلف

أجفل الناس عن طريق أبي المس ... ك وذلت له رقابُ العبادِ

أي أسرعوا ذاهبين عن طريقه فتركوه له ولم يعارضوه لقصورهم عنه وذلت له رقاب الناس فملكهم

كيف لا يترك الطريق لسيلٍ ... ضيقٍ عن أتيهِ كل وادِ

الأتى السيل الذي يأتي من موضعٍ إلى موضعٍ يقول كيف لا يترك الطريق لسيلٍ يضيق عن مائه الوادي وإذا كان الماء غالبا وضاق عنه بطن الوادي فكل موضع أتى عليه صار طريقا له وهذا مثل لكافور وأنه يغلب غلبة السيل والسيل لا يرد عن وجهه كذلك هو لا يعارضه أحد وقال يمدحه في شوال سنة ٣٤٧ وقد حمل إليه ستمائة دينار

[أغالب فيك الشوق والشوق أغلب ... وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب]

يقول بيني وبين الشوق مغالبة لأجلك والغلبة للشوق لأنه يغلب صبري ويجوز أن يكون الأغلب معناه الغليظ الرقبة كالأسد الذي لا يطاق ولا يغالب وكأنه قال والشوق صعب شديد ممتنع وأعجب من ذا الهجر لتماديه وطوله والوصل لو وافقنا كان أعجب منه لأن عادة الأيام التفريق

[أما تغلط الأيام في بأن أرى ... بغيضا تنأى أو حبيبا تقرب]

يقول أما يقع للأيام الغلط مرة واحدة بتقريب الحبيب أو إبعاد البغيض وتنإي تفعل من النأي يقال أنأيت الرجل ونأيته أي بعدته وناءيته مثل باعدته يريد أن الدهر مولع بادناء من يبغضه وإبعاد من يحبه يقول أفلا تغلط مرة فتبعد البغيض وتقرب الحبيب وجعل ذلك غلط من الدهر لأنه خلاف ما يأتي به الدهر كما قال الآخر في بخيل، يا عجبا من خالد كيف لا، يغلط فينا مرة بالصواب، وأصل هذا المعنى من قول مضرس، لعمرك إني بالخليل الذي له، علي دلال واجب لمفجع، وإني بالمولى الذي ليس نافعي، ولا ضائري فقدانه لممتنع، ومثله للطرماح، يفرق منا من نحب اجتماعه، ويجمع منا الدهر بين الضغائن، وقال الآخر، عجبت لتطويح النوى من أحبه، وإدناء من لا يستلذ له قرب، وقد قال المحدث، ومن أهواه يبغضني عنادا، ومن أشناه شص في لهاتي،

[ولله سيري ما اقل تئية ... عشية شرقيي الدالي وغرب]

التئية التلبث والتمكث ومنه قول الشاعر، قف بالديار وقوف زائر، وتأي إنك غير صاغر، والحدالي موضع بالشام وغرب جبل هناك معروف يتعجب من سرعة سيره ويقول ما كان أسرع سيري وأقل لبثه عشية كان هذان المكانان على جانبي الشرقي

[عشية أحفى الناس بي من جفوته ... وأهدي الطريقين الذي أتجنب]

يعني بأحفى الناس سيف الدولة يقول كان هو ألطف الناس بي فجفوته بتركه إلى غيره وكان أهدى الطريقين إن أعود إليه إلا إني هجرته وأخذت الطريق إلى مصر وقال أبن جنى كان يترك القصد ويتعسف خوفا على نفسه

[وكم لظلام الليل عندك من يد ... تخبر أن المانوية تكذب]

المانوية أصحاب ماني وهو يقول بالنور والظلمة يقول الخير كله في النور وهو الذي يأتي بالخير والشر كله في الظلمة ورد عليه المتنبي في هذا البيت فقال كم نعمة للظلمة تبين أن هؤلاء الذين نسبوا الشر إليها كاذبون ليس الأمر على ما قالوا ثم بين تلك النعمة فقال

قال أبن جنى وقاك ظلام الليل العدو وأنت تسرى عليهم وفيما بينهم فلا يبصرونك وزارك فيه طيف من تحبه قال أبن فورجة الطيف قد يزور نهارا وأيضا الطيف غير محجب وهلا جعل ذا الدلال المحجب نفس المحبوب فيكون كقول أبن المعتز، لا تلق غلا بليل من تواصله، فالشمس نمامة والليل قواد، ثم ذكر شر النور فقال

[ويوم كليل العاشقين كمنته ... أراقب فيه الشمس أيان تغرب]

يقول رب يوم طال على طول ليل العاشقين تسترت فيه خوفا من الأعداء على نفسي أراقب غروب الشمس لأخرج عن المكمن

وعيني إلى أذني أغر كأنهُ ... من الليلِ باقٍ بين عينيهِ كوكبُ

<<  <   >  >>