للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[طلب الإمارة في الثغور ونشؤه ... ما بين كرخايا إلى كلواذا]

يقول طلب أن يكون أميرا للثغور وإنما نشأ في سواد العراق أي أنه ليس يصلح لما طلب لأنه سوادي

فكأنه حسب الأسنة حلوةً ... أو ظنها البراني والآزاذا

البرني والآزاذ نوعان من التمر أي أنه تعود أكل الأرطاب وليس من أهل الطعان والضراب

[لم يلق قبلك من إذا اختلف القنا ... جعل الطعان من الطعان ملاذا]

يقول لم يلق قبلك رجلا إذا اختلفت الرماح عند المطاعنة لم يهرب من الطعان إلا إلى الطعان ولم يلجأ إلا إلى المحاربة لشجاعته وعلمه أنه لا يحامى على حقيقته إلا بالطعان كما قال الحصين، تأخرت أستبقي الحيوة فلم أجد، لنفسي حيوة مثل أن أتقدها

[من لا توافقه الحياة وطيبها ... حتى يوافق عزمه الإنقاذا]

أي لا يلتد طعم الحياة إلا إذا أم ى عزمه فأنفذه يعني أن طيب عيشه في انفاذ عزمه

[متعودا لبس الدروع يخالها ... في البرد خزا والهواجر لاذا]

متعودا من صفة قوله من وهو نكرة في محل النصب كأنه قال لم يلق قبلك انسانا متعودا لبس الدروع يظنها في برد الشتاء خزا يدفىء من البرد وفي الهواجر وهي جمع هاجرة وهي وقت شدة الحر في نهار الصيف لاذا وهو ثوب رقيق من الكتان يلاذ به من الحر وفي هذا البيت عطف على عاملين مختلفين لأنه عطف الهواجر على البرد واللاذ على الخز وذلك لا يجز إلا على قول الأخفش على أنه قد حكى عنه الرجوع عن هذا قال أبو بكر بن السراج اجماع أنه لا يجوز مر زيد بعمرو وبكر وخالد

[أعجب بأخذكه وأعجب منكما ... أن لا تكون لمثله أخاذا]

يقول ما أعجب أخذك إياه في قوته وعدده وأعجب منكما لو لم تأخذه أي ذاك كان أعجب لو لم تأخذه لأنك مظفر منصور على أعدائك لا يفلت لا يفلت منك أحد تقصده وقال يرثي محمد بن اسحاق التنوخي

[إني لأعلم واللبيب خبير ... أن الحياة وإن حرصت غرور]

قوله واللبيب خبير اشارة إلى أنه لبيب لذلك علم أن الحياة وإن حرص عليها الإنسان غرور يغتر بها الإنسان يظن أنه يبقى وتطول حياته كقول البحتري، وليس الأماني بالبقاء وإن مضت، به عادة إلا أحاديث باطل،

ورأيت كلاًّ ما يعلل نفسه ... بتعلةٍ وإلى الفناء يصير

ما زائدة للتوكيد أي رايت كل أحد يعلل نفسه والتعلة التعليل يقال فلان يعلل نفسه بكذا أي يمني نفسه ذلك ويرجي به الوقت يعني أن كل إنسان يرجى نفسه بشيءٍ من الأشياء ومصيره إلى الفناء

أمجاور الديماس رهن قرارةٍ ... فيها الضياء بوجهه والنور

[ما كنت أحسب قبل دفنك في الثرى ... أن الكواكب في التراب تغور]

الديماس حفرة لا ينفذ إليها ضوء من الدمس وهو الظلام وأراد به القبر والقرارة كل موضع يستقر فيه شيء يريد القبر أيضا وجعل الميت رهن القبر لإقامته هناك إلى يوم البعث كان القبر استرهنه والمنى أن قبره اشرق بنور وجهه

[ما كنت آمل قبل نعشك أن أرى ... رضوى على أيدي الرجال تسير]

رضوى اسم جبل معروف وهذا من قول الآخر، هذا أبو القاسم، في نهشه، قوموا انظروا كيف تزول الجبال،

[خرجوا به ولكل باك خلفه ... صعقات موسى يوم دك الطور]

يعني أن الناس كانوا يبكون حول نعسه ويصعقون كما صعق موسى كما أخبر الله تعالى في قوله جعله دكا وخر موسى صعقا والدك الكسر

[والشمس في كبد السماء مريضة ... والأرض واجفة تكاد تمور]

يريد أن ضوء الشمس ضعف بموته فكأنها مريضة واضطربت الأرض فكادت تجيء وتذهب والواجفة الراجفة المضطربة وإنما يذكر هذا تعظيما لموت المرثي

[وحفيف أجنحة الملائك حوله ... وعيون أهل اللاذقية صور]

يقال في جمع الملك الملائكة والملائكة جمع على غير قياس قال كثير، لما قد عممت المؤمنين بنائلٍ، أبا خالد صلت عليك الملائك، وصور جمع أصور وهو المائل يقال صاره يصوره إذا اماله وصور إذا صار مائلا ومنه قول الشاعر، الله يعلم أنا في تلفتنا، يوم الوداع إلى أحبابنا صور، يقول احاطت بنعشه ملائكة السماء حتى سمع لأجنحتهم حفيف وعيون أهل بلده مائلة إليه إما لأنهم يحبونه فلا يصرفون عيونهم عنه شوقا وحزنا عليه وإنما لأنهم يسمعون حسن الملائكة فيميلون نحو الحس الذي يسمعون

حتى أتوا جدثاً كأن ضريحه ... في قلب كل موحد محفور

<<  <   >  >>