للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصله اظمأتني بالهمز فأبدل الهمزة ألفا ثم حذفها يريد شوقتني إلى الظفر بالمراد ومنعتني نيلها

[وحييت من خوص الركاب بأسود ... من دراش فغدوت أمشي راكبا]

الخوص جمع الخوصاء وهي الغائرة العين والدارش ضرب من السختيان ومعنى من خوص الركاب أي بدلا منها كقوله تعالى ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة أي بدلا منكم يقول أعطيت عوضا من الإبل خفا أسود فأنا راكب ماشٍ

حالا متى علم ابن منصور بها ... جاء الزمان إليّ منها تائبا

أي أشكو حالا وأذم حالا متى علم الممدوح بتلك الحال تاب الزمان منها إليّ لن الزمان يخافه وهو لا يرضى من الزمان اساءته إليّ ويجوز أن يكون المعنى أن الممدوح إذا علمها تلافاها بإحسانه فكان الزمان قد تاب نها فجعل إحسان الممدوح إليه توبةً من الزمان ومثله قول أبي تمام، كثرت خطاياه الدهر في وقد يرى، بنداك وهو إليّ منها تائب،

[ملك سنان قناته وبنانه ... يتباريان دما وعرفا ساكبا]

يقال سكبته سكبا فسكب سكوبا وهذا من قول البحتري، تلقاه يقطر سيفه وسنانه، وبنان راحته دما ونجيعا،

[يستصغر الخطر الكبير لوفده ... ويظن دجلة ليس تكفي شاربا]

الخطر الكبير يعني الشيء الخطير ذا الخطر الكبير ومثله قول الطاءي، فرأيت أكثر ما حبوت من اللهي، نزرا وأصغر ما شكرت جزيلا،

كرماً فلو حدثته عن نفسه ... بعظيم ما صنعت لظنك كاذبا

يعني كرم كرما أو يفعل ما ذكرت كرما ثم قال ولو حدثته بعظيم ما صنعه لكذبك استعظاما له وقد اساء في هذا لنه جعله يستعظم فعله وبضده يمدح وإنما يحسن أن يستعظم غيره ما فعل كما قال أبو تمام، تجاوز غايات العقول رغائب، تكاد بها لولا العيان تكذب، وقال البحتري، وحديث مجد عنك أفرط حسنه، حتى ظننا أنه موضوع،

[سل عن شجاعته وزره مسالما ... وحذار ثم حذار منه محاربا]

يقول سل عنها لتعرفها بالخبر ولا تتعرض لأن تعرفها بالمشاهدة والتجربة ثم رب لهذا مثلا فقال

فالموت تعرف بالصفات طباعه ... لم تلق خلقاً ذات موتا آئبا

يعني أن شجاعته كالموت إن عرف بالمشاهدة أهلك وإن اقتصر فيه على الصفة علم ولم يهلك

[إن تلقه لا تلق غلا جحفلا ... أو قسطلا أو طاعنا أو ضاربا]

يعني أنه لا ينفك عن هذه الأشياء وهذه الأحوال

[أو هاربا أو طالبا أو راغبا ... أو راهبا أو هالكا أو نادبا]

يجوز أن تكون هذه أحوال الناس معه فإذا لقيته لقيت هؤلاء أو بعضهم ويجوز أن تكون هذه أحوال الممدوح تلقاه هاربا من الدنايا وطالبا للعلي وراغبا في المكارم وراهبا من الله تعالى وهالكا بمعنى مهلكا كقول العجاج، ومهمة هالك من تعرجا، ونادبا من يبارزه من الندب

[وإذا نظرت إلى الجبل رأيتها ... فوق السهول عواسلا وقواضبا]

يعني عمت جنوده السهل والجبل فإذا نظرت إلى الجبال رأيتها رماحا وسيوفا

[وإذا نظرت إلى السهول رأيتها ... تحت الجبال فوارسا وجنائبا]

وعجاجة ترك الحديد سوادها ... زنجا تبسم أو قذالاً شائبا

شبه بريق الحديد في سواد العجاج بتبسم الزنج وشيب القذال

[فكأنما كسى النهار بها دجى ... ليل وأطلعت الرماح كواكبا]

يقول كان النهار ألبس بتلك العجاجة السوداء ظلمة ليل وكان الرماح اطلعت من اسنتها كواكب أو أطلعت هي كواكب في تلك الظلمة كما قال مسلم، في عسكر شرق الأرض الفضاء به، كالليل أنجمه القضبان والأسل،

[قد عسكرت معها الرزايا عسكرا ... وتكتبت فيها الرجال كتائبا]

يقال قد عسكر فلان أي جمع عسكرا وتكتبت تجمعت يقول المصائب قد جمعت عسكرا مع هذه العجاجة لتقع بأعداء الممدوح وصارت الرجال فيها كتائب بكثرتهم

[أسد فرائسها الأسود يقودها ... أسد تصير له الأسود ثعالبا]

في رتبة حجب الورى عن نيلها ... وعلا فسموه عليّ الحاجبا

أراد عليا الحاجب فاضطره الوزن إلى حذف التنوين فحذفه وسوغ له ذلك سكونه وسكون اللام في الحاجب كما أنشد النحويون، إذا عطيف السلمى فرا، ومثله كثير

[ودعوه من فرط السخاء مبذرا ... ودعوه من غصب النفوس الغاصبا]

هذا الذي أفنى النضار مواهبا ... وعداه قتلا والزمان تجاربا

<<  <   >  >>