للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - معنى الأمر في الشرع:

ورد لفظ الأمر في كتاب الله في مواضع كثيرة؛ وكان له أكثر من معنى حسب السياق الذي ورد فيه، ومن تلك الآيات قوله - تعالى -: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف - ٥٤] ، والأمر في الآية الكلام، وهو صفة من صفاته - سبحانه -، قال الإمام أحمد: "فأخبر - تبارك وتعالى - بالخلق، ثم قال والأمر، فأخبر أن الأمر غير الخلق"١.

وعن سفيان بن عيينة قال: "قد بين الله الخلق من الأمر بقوله: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف - ٥٤] فالخلق بأمره، كقوله: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم - ٤] وكقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس - ٨٢] "٢، وفي رواية عنه: "فقال: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف - ٥٤] فالخلق هو المخلوقات والأمر هو الكلام"٢.

قال الحافظ في الفتح: "وسبق ابن عيينة إلى ذلك محمد بن كعب القرظي، وتبعه الإمام أحمد بن حنبل، وعبد السلام بن عاصم وطائفة، أخرج كل ذلك ابن أبي حاتم عنهم"٣.

كما استدل الإمام البخاري - رحمه الله - بهذه الآية على أن القرآن كلام الله غير مخلوق ومثله الإمام ابن خزيمة - رحمه الله - ٥.

ويقول شيخ الإسلام وهو يبين أنواع المضاف إلى الله: "وأما ما كان صفة لا تقوم بنفسها، ولم يذكر لها محل غير الله، كان صفة له؛ فكالقول والعلم والأمر إذا أريد به المصدر كان المصدر من هذا الباب كقوله - تعالى -: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف - ٥٤] ، وإن أريد به المخلوق المكون بالأمر كان من الأول كقوله - تعالى -: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل - ١] "٤.


١ - السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ١/١٣٩ وانظر السنة للخلال ٥/١٣٨.
٢ - خلق أفعال العباد ص ٣٨، وانظر: السنة لعبد الله بن أحمد ١/١٦٩، الشريعة للآجري ص ٨٠.
٢ - فتح لباري ١٣/٥٤٢.
٣ المرجع السابق ١٣/٥٤٢.
٥ - انظر: خلق أفعال العباد ص٣٧ - ٣٨، التوحيد لابن خزيمة ١/٣٩١، الإبانة للأشعري ص٣١، رسالة إلى أهل الثغر للأشعري ص ٢٢١ - ٢٢٣، مجموع الفتاوى ٦/١٧.
٤ - شرح العقيدة الأصفهاني ص ٦٦.

<<  <   >  >>