للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب - معنى الأزلية عند الفلاسفة والمتكلمين:

يعرف الفلاسفة والمتكلمون مصطلح الأزل بنفس المعنى الذي عرفه به أهل السنة، مع اختلاف في العبارة، إذ يعرف الكندي الأزلي بقوله: "الأزلي هو الذي لم يكن ليس، وليس بمحتاج في قوامه إلى غيره؛ والذي لا يحتاج في قوامه إلى غيره فلا علة له، وما لا علة له فدائم أبداً"١.

ويقول ابن رشد: "ما ليس له مبدأ أول فهو أزلي ضرورة"٢. إلا أن الفلاسفة يرون أن العالم أزلي لا بداية لوجوده، وأبدي لا نهاية لآخره، ولا يتصور فساده ولا فناؤه٣، وهذا من أصول الضلال الذي ضلت به الفلاسفة، وهو مما كفروا به٤.

أما المتكلمون فيقول الرازي مبيناً معنى الأزل: "هو عبارة عن نفي الأولية"٣، وقال في معنى الأزلي: "إن الأزلي هو الذي لا يكون مسبوقاً بالعدم"٤. ويقول التفتازاني:"معنى الأزلية الاستمرار في الأزمنة المقررة الماضية غير المتناهية"٥.

ويجعل الرازي لفظ الأزلي من أسماء الله، ويدخله ضمن أسماء الذات٨، كما يجعله الصوفية من أسماء الله، ويعرفونه بمثل تعريف أهل السنة والمتكلمين، إذ يقولون في معنى الأزل: "ما لا بداية له ولا أول"٦، وأنه بمعنى القدم أيضاً١٠.

وجَعْلُ لفظ الأزل من أسماء الله ليس بصحيح، إذ لم يرد تسمية الله بالأزلي في شيء من الكتاب أو السنة، ولكن يخبر به عن الله، لأن معناه حسن إذ هو بمعنى الأول الذي ليس قبله شيء.


١ - الحدود للكندي ص ١٩٤ ضمن المصطلح الفلسفي عند العرب للدكتور الأعسم وانظر تعريفات الجرجاني ص ٣٨ موسوعة مصطلحات الفلسفية عند العرب ص ٤٠ - ٤١.
٢ - تفسير ما بعد الطبيعة لابن رشد ص ٣٠ وانظر موسوعة مصطلحات الفلسفية عند العرب ص ٤٠.
٣ - انظر: التهافت ص٥٣، فصل المقال ص٤٠ - ٤١، موسوعة الفلسفة ٦٢٢ - ٦٢٣.
٤ - سيأتي توضيح ذلك عند مصطلح قدم العالم ص ٣٧٣وما بعدها.
٣ - المباحث المشرقية ١/٧٨١ - ٧٨٢.
٤ - المطالب العالية ٤/٢٦٩ - ٢٧٠.
٥ - شرح المقاصد ٣/١١٠ وانظر التعريفات ص ٣٨.
٨ - انظر: شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص٣٥٧ - ٣٥٩.
٦ - معجم ألفاظ الصوفية للدكتور الشرقاوي ص ٢١.
١٠ - انظر: المعجم الصوفي للدكتور الحفني ص٢٠.

<<  <   >  >>