للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه" ١. فالنظر في الشرع جاء بمعاني النظر في اللغة.

٣ - معنى النظر في الاصطلاح:

يقول الجويني: "النظر في اصطلاح الموحدين، هو الفكر الذي يطلب به من قام به، علماً، أو غلبة ظن، ثم ينقسم النظر قسمين؛ إلى الصحيح، وإلى الفاسد، والصحيح منه كل ما يؤدي إلى العثور على الوجه الذي منه يدل الدليل، والفاسد ما عداه"٢.

ويقول الرازي: "النظر والفكر عبارة عن ترتيب مقدمات علمية، أو ظنية، ليتوصل بها إلى تحصيل علم، أو ظن"٣، وقال: "النظر ترتيب تصديقات، ليتوصل بها إلى تصديقات أخر"٤.

ويقسم القاضي عبد الجبار النظر في أمور الدين إلى قسمين: "أحدها النظر في الشبه لتحل، والثاني النظر في الأدلة ليتوصل بها إلى المعرفة"٥.

فالنظر إذاً عند المتكلمين هو التفكر، والانتقال من المقدمات العلمية، أو الظنية، إلى ما يترتب عليها من نتيجة علمية أو ظنية. ويرى كثير من المتكلمين أن النظر في طريق معرفة الله أول واجب على العبد. يقول الباقلاني: "وأن يعلم أن أول ما فرض الله - عز وجل - على جميع العباد، النظر في آياته، والاعتبار بمقدوراته، والاستدلال عليه بآثار قدرته، وشواهد ربوبيته"٦.

ويقول الجويني: "أول ما يجب على العاقل البالغ باستكمال سن البلوغ، أو الحلم، شرعاً، القصد إلى النظر الصحيح، المفضي إلى العلم بحدث العالم"٧، فهم يقيدون النظر بدليل حدوث العالم كما هو ظاهر من كلام الجويني.


١ - أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان باب زنا الجوارح دون الفرج ٤/١٣٩، ح ٦٢٤٣، وبنحوه مسلم في كتاب القدر، باب قدر على ابن آدم حظه من الزنا وغيره ٤/٢٠٤٦، ح ٢٦٥٧.
٢ - الإرشاد ص٣.
٣ - معالم أصول الدين ص٢٠.
٤ - محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ص٤٠.
٥ - شرح الأصول الخمسة ص٤٥.
٦ - الإنصاف ص٢٢، وانظر: شرح الأصول الخمسة ص٤٥، المحصل ص٤٧.
٧ - الإرشاد ص٣.

<<  <   >  >>