للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - معنى الجوهر في الاصطلاح:

الجوهر من المصطلحات التي يكثر استعمالها في كتب الفلسفة والكلام، ومعناه عند الفلاسفة - كما يقول الكندي -: "الجوهر هو القائم بنفسه، وهو حامل للأعراض لا تتغير ذاتيته؛ موصوف لا واصف، ويقال هو غير قابل للتكوين والفساد"١.

ويقول ابن سينا في حد الجوهر: "هو اسم مشترك؛ يقال جوهر لذات كل شيء كان كالإنسان، أو كالبياض. ويقال جوهر لكل موجود لذاته، لا يحتاج في الوجود إلى ذات أخرى يقارنها، حتى يقوم بالفعل؛ وهذا معنى قولنا الجوهر قائم بذاته. ويقال جوهر لما كان بهذه الصفة، وكان من شأنه أن يقبل الأضداد، بتعاقبها عليه. ويقال جوهر لكل ذات وجوده ليس في محل. ويقال جوهر لكل ذات وجوده ليس في موضوع٢، وعليه اصطلح الفلاسفة القدماء منذ عهد أرسطوطاليس، في استعمالهم اسم الجوهر"٣.

ويقول الآمدي: "وأما الجوهر فعلى أصول الحكماء ما وجوده لا في موضوع. والمراد بالموضوع: المحل المتقوم بذاته المقوم لما يحل فيه"٤. ويوافق الرازي الفلاسفة في تعريف الجوهر حيث قال في المباحث المشرقية: "الجوهر هو الموجود لا في موضوع"٥.

وأما عند المتكلمين فيقول الباقلاني: "والجوهر الذي له حيز، والحيز هو المكان، أو ما يقدر تقدير المكان، عن أنه يوجد فيه غيره"٦.

ويقول أبو المعالي: "الجوهر قد ذكرت له حدود شتى، غير أنا نقتصر على ثلاثة منها، فنقول: الجوهر، المتحيز، وقيل: الجوهر ماله حجم، وقيل: الجوهر ما يقبل العرض"٧. ويقول الآمدي: "وأما على أصول المتكلمين، فالجوهر عبارة عن المتحيز، وهو ينقسم إلى


١ - الحدود للكندي ضمن كتاب المصطلح الفلسفي ص١٩١، وانظر: مفاتيح العلوم ص١٦٧.
٢ - الموضوع هو المحل المتقوم بذاته، المقوم لما يحل فيه، وينقسم إلى بسيط ومركب، أما البسيط فهو العقل والنفس والمادة والصورة، وأما المركب فهو الجسم. انظر: المبين ص١٠٩.
٣ - الحدود لابن سينا ضمن كتاب المصطلح الفلسفي ص٢٤٩، وانظر: معيار العلم ص٢٩١.
٤ - المبين ص١٠٩.
٥ - المباحث المشرقية ١/٢٤٠
٦ - الإنصاف ص١٦.
٧ - لمع الأدلة ص٨٧، وانظر: الشامل ١/٤٨ - ٤٩، المطالب العالية ٢/٣٥.

<<  <   >  >>