للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - معنى الأفول في الشرع:

لقد ورد لفظ أفل، وأفلت، والآفلين، في سورة الأنعام، في ثلاث آيات متتالية، وهي قوله - تعالى -: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنْ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: ٧٦ - ٧٨] .

قال ابن جرير الطبري: "قال ابن اسحاق: الأفول الذهاب، يقال منه أَفَل النجم، يأفُل، ويأفِل، أفُولاً، وأفْلاً، إذا غاب..ويقال أين أفلت عنا؟ بمعنى أين غبت عنا"١.وفي المفردات للراغب: "الأفول: غيبوبة النيرات، كالقمر، والنجوم"٢.

وقد أطبقت جميع التفاسير على أن معنى أفل: أي غاب، ويذكرون أن هذا هو معناه في لغة العرب٣، إلا أن بعض المفسرين ممن تأثر بعلم الكلام، يزيد على هذا المعنى تعقيباً من عنده؛ هو أن الغياب يعني التغير والانتقال، وهذه إضافة منهم، ليس لها دليل من لغة العرب، ولا من تفسير الصحابة.

فالأفول في الشرع، هو بمعناه الذي ورد في اللغة، وهو المغيب والاحتجاب، وهذا بإجماع أهل اللغة والتفسير٤.


١ - تفسير الطبري ٧/٢٥٠ - ٢٥١، وانظر: تفسير ابن كثير ٢/١٩٢، تفسير الواحدي ١/٣٦٢، زاد المسير ٣/٧٥، تفسير البغوي ٢/١٠٩.
٢ - المفردات ص ٨٠، وانظر: التوقيف على مهمات التعاريف ص ٨١.
٣ - انظر: تفسير الطبري ١/٢٤٨ - ٢٥١، معاني القرآن للنحاس ٢/٥٣٦، تفسير الواحدي ١/٣٦٢، زاد المسير ٣/٧٥، تفسير البغوي ٢/١٠٩، تفسير ابن كثير ٢/٢٤٢، تفسير البيضاوي ٢/٤٢٣، تفسير الثعالبي ١/٥٣٦، الدر المنثور ٣/٣٠٤ - ٣٠٥، فتح القدير ٢/١٣٤.
٤ - انظر: درء التعارض ١/١٠٩، ٣١٣، مجموع الفتاوى ٥/٥٤٧، ٦/٢٥٤.

<<  <   >  >>