للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخارج، لا يتصف بصفة ثبوتية أصلاً، بل فرض هذا في الخارج، كفرض عرض يقوم بنفسه لا بغيره"١.

وقد ورد في السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات، ثنتين منهن في ذات الله - عز وجل -؛ قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات - ٨٩] ، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء - ٦٣] .."٢، ومعنى في ذات الله أي "في جهة الله وناحيته، أي لأجل الله ولابتغاء وجهه، ليس المراد بذلك النفس، ونحوه في القرآن {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال - ١] ، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران - ١١٩] أي الخصلة والجهة التي هي صاحبة بينكم، وعليم بالخواطر، ونحوها، التي هي صاحبة الصدور، فاسم الذات في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، والصحابة، والعربية المحضة بهذا المعنى، ثم أطلقه المتكلمون وغيرهم على النفس بالاعتبار الذي تقدم، فإنها صاحبة الصفات، فإذا قالوا الذات فقد قالوا التي لها الصفات"٣. وقال الراغب: "وقد استعار أصحاب المعاني الذات، فجعلوها عبارة عن عين الشيء، جوهراً كان أو عرضاً، واستعملوها مفردة، ومضافة إلى المضمر بالألف واللام، وأجروها مجرى النفس، والخاصة، فقالوا ذاته، ونفسه، وخاصته، وليس ذلك من كلام العرب"٤. فالذوات جمع ذات، وهي تأنيث ذو، فتكون بمعنى صاحبة.

ولم يرد دليل إمكان الذوات في كتاب الله، ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.


١ - مجموع الفتاوى٦/٩٩، وانظر: المصدر نفسه ٥/٢٨٣، درء التعارض١٠/١٥٧، الصواعق المرسلة٤/١٣٨١ - ١٣٨٥، بدائع الفوائد ٢/٦ - ٨.
٢ - أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء - ١٢٥] ٢/٤٦١، ح ٣٣٥٨، ومسلم في كتاب الفضائل باب من فضائل إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ٤/١٨٤٠، ح ٢٣٧١.
٣ - مجموع الفتاوى ٦/٣٤٢.
٤ - المفردات ص٣٣٣.

<<  <   >  >>