للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - دليل إمكان الصفات في اصطلاح المتكلمين:

دليل إمكان الصفات عند المتكلمين مبني على أن الأجسام متماثلة في الماهية، التي يرون أنها مغايرة لصفات الجسم، وأما صفات الأجسام فمختلفة، وهي ممكنة، وقد استنتج المتكلمون من تخصيص كل جسم بصفته، وجوب المخصص وأنه ليس بجسم. يقول الرازي: "الطريق الثالث الاستدلال بإمكان الصفات، فنقول: قد دللنا على أن الأجسام بأسرها متساوية في تمام الماهية، وإذا كانت كذلك، كان اختصاص جسم الفلك بما به صار فلكاً، واختصاص جسم الأرض بما به صار أرضاً، أمراً جائزاً، فلا بد له من مخصص، وذلك المخصص؛ إن كان جسماً افتقر في تركبه، وتألفه، إلى نفسه، وهو محال، وإن لم يكن جسماً، فهو المطلوب"١.

وقال في تتمة شرح هذا الدليل: "ثم قال المتكلمون في هذا المقام: ذلك المؤثر، إما أن يكون موجباً بالذات، أو فاعلاً بالاختيار، والأول باطل، لأن ذلك الموجود لما لم يكن جسماً، ولا جسمانياً، كانت نسبة حقيقته إلى جميع الأجسام نسبة واحدة، ولما كانت الأجسام بأسرها متساوية في تمام الماهية، كانت بأسرها متساوية في قبول الأثر عن ذلك المباين، وإذا كان الأمر كذلك، كان قبول كل واحد من تلك الأجسام، لأثر خاص من ذلك المباين، المفارق، رجحاناً لأحد طرفي الممكن، على الآخر، لا لمرجح، وهو محال، ولما بطلت هذه الأقسام، ثبت أن إله العالم موجود، ليس بجسم ولا بجسماني، وأنه فاعل مختار، وليس موجباً بالذات، فهذا تمام تقرير هذه الحجة"٢.

٣ - مناقشة الدليل:

أولاً: أن هذا الدليل غير وارد في الكتاب والسنة - كما أسلفت_، والمتكلمون يقولون عنه إنه مقدمة شريفة، يفرع عنها القول في الإله، والقول بالنبوة، والقول بأحوال الآخرة،


١ - معالم أصول الدين ص٣٤، وانظر: المطالب العالية ١/١٨٤.
٢ - المطالب العالية ١/١٨٦.

<<  <   >  >>