للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما يعبرون عنه بلفظ الصدور.

كما يرد لفظ التولد والتوليد عند المعتزلة، فالمتولد عندهم هو الفعل الذي يكون بسبب مني ويحل في غيري. وقيل: هو الفعل الذي أوجبت سببه فخرج من أن يمكنني تركه، وقد أفعله في نفسي وأفعله في غيري.

وقال بعضهم: كل فعل يتهيأ وقوعه على الخطأ، دون القصد إليه، أو الإرادة له فهو متولد١.

وقال الجرجاني: "التوليد هو أن يحصل الفعل عن فاعله بتوسط فعل آخر، كحركة المفتاح بحركة اليد"٢.

وقد اختلف المتكلمون في الأفعال المتولدة عن الإنسان؛ فمنهم من قال ليست مفعولة له بحال، بل هي مفعولة لله - تعالى -، كما يقول ذلك كثير من متكلمي المثبتين للقدر، ومنهم من يقول بل هو مفعول له على طريق التولد كما هو قول بعض المعتزلة، ويحكى عن بعضهم أنه قال لا فاعل لها بحال٣. فالمتكلمون على طرفي نقيض في الأفعال المتولدة عن الإنسان حيث يجعلها الأشاعرة والماتريدية مخلوقة لله وليس للإنسان دور فيها وأبطلوا بذلك ربط الأسباب بمسبباتها. بينما يجعلها المعتزلة مخلوقة للإنسان وناتجة عن فعله وحده، دون تدخل لأسباب أخرى.

٣ - معنى التولد في الشرع، والرد على المخالفين:

لم يرد لفظ التولد أو التوليد في القرآن والسنة، ولكن ورد لفظ الولد في القرآن الكريم بتصريفات عدة، كما ورد في السنة، حيث نفى الله - تعالى - عن نفسه الولد في أكثر من آية، قال - تعالى -: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام - ١٠١] ، وقال - سبحانه -: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} [المؤمنون - ٩١] ، ومن السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أحد أصبر على أذى


١ - انظر: مقالات الإسلاميين ٢/٩٢ - ٩٣.
٢ - التعريفات ص٩٨.
٣ - انظر: درء التعارض ٩/٣٤٠، مقالات الإسلاميين ٢/٨٦ - ٩٢.

<<  <   >  >>