للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالقديم بالذات هو الله، وأما القديم بحسب الزمان فهو وجود الملائكة، والسماوات، وجملة أصول العالم عندهم١. والقديم بالذات والقديم بالزمان يتفقان في القدم المطلق، وعدم السبق بالعدم. ويدل على ذلك معنى الحادث عندهم، فالحادث يطلق ويراد به ما يفتقر إلى العلة، وإن كان غير مسبوق بالعدم كالعالم، وعلى ما لوجوده أول وهو مسبوق بالعدم. فعلى هذا العالم إن سمي عندهم قديماً فباعتبار أنه غير مسبوق بالعدم، وإن سمي حادثاً فباعتبار أنه مفتقر إلى العلة في وجوده٢.

وبعض المتكلمين المتأخرين أمثال الرازي، والتفتازاني، والآمدي، والجرجاني، يعرفون القديم بمثل تعريف ابن سينا؛ حيث يقسمونه إلى القديم بالذات، والقديم بالزمان٣.

يقول الجرجاني: "القديم يطلق على الموجود الذي لا يكون وجوده من غيره، وهو القديم بالذات، ويطلق القديم على الموجود الذي ليس وجوده مسبوقاً بالعدم، وهو القديم بالزمان.. وقيل القديم ما لا ابتداء لوجوده الحادث، والمحدث مالم يكن كذلك، فكأن الموجود هو الكائن الثابت والمعدوم ضده، وقيل القديم هو الذي لا أول ولا آخر له"٤.

وقال التفتازاني: "لا قديم بالذات سوى الله - تعالى -، وأما بالزمان فزادت الفلاسفة كثيرا من الممكنات، والمتكلمون صفات الله - تعالى -"٥.

وقال الآمدي: "وأما القديم فقد يطلق على مالا علة لوجوده، كالباري - تعالى -، وعلى مالا أول لوجوده، وإن كان مفتقرا إلى علة، كالعالم على أصل الحكيم"٦.

٣ - نقد قول الفلاسفة بقدم العالم:

اختلف الفلاسفة في قدم العالم، فالذي استقر عليه رأي جماهيرهم المتقدمين والمتأخرين القول بقدمه، وأنه لم يزل موجوداً مع الله - تعالى -، ومعلولاً له، ومساوقاً له، غير متأخر عنه


١ - انظر: معيار العلم ص٢٨٥.
٢ - المبين ص١١٩، وانظر موسوعة مصطلحات دستور العلماء ص٣٤٥.
٣ - انظر: المباحث المشرقية ١/٢٢٨ - ٢٢٩، شرح المقاصد٢/٨، التعريفات ص٢٢٠ - ٢٢١
٤ - التعريفات ص٢٢٠ - ٢٢١.
٥ - شرح المقاصد ٢/٨.
٦ - المبين ص١١٨ - ١١٩.

<<  <   >  >>