للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها قولان: أحدهما: أنه محدث حدث عن فكرة رديئة من النور، وعلى هذا فتكون الظلمة مفعولاً للنور. لكنهم جهال أرادوا تنزيه الرب عن فعل شر معين فجعلوه فاعلاً لأصل الشر، ووصفوه بالفكرة الرديئة التي هي من أعظم النقائص، وجعلوها سبباً لحدوث أصل الشر. والقول الآخر قولهم إن الظلمة قديمة كالنور، فهؤلاء أثبتوا قديمين، لكن لم يجعلوهما متماثلين ولا مشتركين في الفعل، بل يمدحون أحدهما ويذمون الآخر"١.

ويرى جماعة من النظار كالباقلاني، والجويني، والقاضي عبد الجبار، والشهرستاني، وابن الجوزي؛ أن الثنوية تختلف عن المجوس، لقول الثنوية بقدم الأصلين النور والظلمة، وقول المجوس بقدم النور وحدوث الظلمة. يقول الشهرستاني: "الثنوية هؤلاء هم أصحاب الاثنين الأزليين، يزعمون أن النور والظلمة أزليان قديمان، بخلاف المجوس فإنهم قالوا بحدوث الظلام، وذكروا سبب حدوثه"٢.

ويقول ابن الجوزي: "الثنوية وهم قوم قالوا صانع العالم اثنان؛ ففاعل الخير نور، وفاعل الشر ظلمة، وهما قديمان لم يزالا ولن يزالا قويين، حساسين، سميعين، بصيرين، وهما مختلفان في النفس والصورة، متضادان في الفعل والتدبير"٣.

وقد افترقت الثنوية إلى عدة فرق ذكر بعضها الرازي حيث يقول: "الثنوية وهم أربع فرق الفرقة الأولى: المانوية أتباع ماني..قال إن للعالم أصلين نور وظلمة وكلاهما قديمان.

الثانية: الديصانية وهم يقولون بالنور والظلمة أيضاً، والفرق بينهم وبين المانوية أنهم يقولون: إن النور والظلمة حيان والديصانية يقولون إن النور حي والظلمة ميتة.

الثالثة: المرقونية وهم يثبتون متوسطاً بين النور والظلمة، ويسمون ذلك المتوسط المعدل.

الرابعة: المزدكية أتباع مزدك بن نامدان ادعى النبوة وأظهر دين الإباحة"٤.


١ - درء التعارض ٩/٣٤٦.
٢ - الملل والنحل ١/٢٤٤، وانظر: التمهيد ص٦٨، الشامل للجويني ص١١٨، المغني للقاضي عبد الجبار ٥/١٠، تلبيس إبليس ص٥٩.
٣ - تلبيس إبليس ص٥٩.
٤ - اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص١٠٤ - ١٠٧، وانظر: الملل والنحل ١/٢٤٤ - ٢٥٤.

<<  <   >  >>