للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأهل السنة والجماعة يعبرون عن عقيدتهم بألفاظ الكتاب والسنة، وهي ألفاظ عربية، كما أنهم يعبرون عن المعنى الصحيح بألفاظ عربية، مطابقة لذلك المعنى. يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "بل كلامي فيه ألفاظ القرآن، والحديث، وألفاظ سلف الأمة، ومن نقل مذاهبهم، أو التعبير عن ذلك تارة بالمعنى المطابق، الذي يعلم المستمع أنه موافق لمعناهم"١.

ويقول - رحمه الله -: "ونحن إنما نخاطب الأمم بلغتنا العربية، فإذا نقلوا عن أسلافهم لفظ الهيولى والصورة والمادة والعقل والنفس.. ونحو ذلك، بُيّن ما تحتمل هذه الألفاظ من المعاني"٢.

وأهل السنة يردون على المتكلمين وأمثالهم عندما يستخدمون ألفاظاً لمعان غير واردة في لغة العرب، ثم يفسرون بها كلام الله ورسوله، ويجعلونها من الاعتقاد. وكتب أهل السنة مليئة بالردود على مثل هذا الضلال؛ ومن ذلك كتب الإمام الدارمي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن القيم - رحمهم الله -.

ومن الأمثلة على ذلك الرد على المتكلمين في زعمهم أن الواحد لا يكون جسماً، يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "ومن المعلوم المتواتر في اللغة الشائع بين الخاص والعام أنهم يقولون: درهم واحد، ودينار واحد، ورجل واحد، وامرأة واحدة، وشجرة واحدة، وقرية واحدة، وثوب واحد، وشهرة هذا عند أهل اللغة شهرة سائر ألفاظ العدد، فيقولون رجل واحد ورجلان اثنان، وثلاثة رجال، وأربعة رجال، وهذا من أظهر اللغة وأشهرها وأعرفها؛ فكيف يجوز أن يقال إن الوحدة لا يوصف بها شيء من الأجسام، وعامة ما يوصف بالوحدة في لغة العرب إنما هو جسم من الأجسام؟! وتحريف هؤلاء للفظ الواحد كتحريفهم للفظ المثل"٣.


١ - التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى ٥/٢٦.
٢ - درء التعارض ١/٢٩٩.
٣ - بيان تلبيس الجهمية ١/٤٩٣، وانظر: ١/٤٨٧ - ٤٨٨ من المرجع نفسه، درء التعارض ١/١١٣.

<<  <   >  >>