للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألفاظه سواء، ولا يقدح في ذلك تنازع بعضهم في بعض معانيه، كما وقع من تنازعهم في بعض حروفه، وتنازعهم في بعض السنة لخفاء ذلك على بعضهم"١.

ويقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "إن ما نطق به الكتاب وبينه، أو ثبت بالسنة الصحيحة، أو اتفق عليه السلف الصالح، فليس لأحد أن يعارضه معقولاً ونظراً أو كلاماً وبرهاناً وقياساً عقلياً أصلاً، بل كل ما يعارض ذلك فقد علم أنه باطل علماً كلياً عاماً"٢.

وهو يقول عن نفسه في التزامه ذلك: "وأنا لا أقول إلا ما جاء به الكتاب والسنة، واتفق عليه سلف الأمة"٣.

والسلف الصالح يعلمون من مراد الله ورسوله مالا يعلمه غيرهم، وهم الذين نقلوا ألفاظ الرسول، ومعاني ألفاظه، فكانوا أحرى بالاتباع. يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "إن أهل العلم والإيمان يعلمون من مراد الله ورسوله بكلامه، أعظم مما يعلمه الأطباء عن كلام جالينوس، والنحاة من كلام سيبويه.. وجماع هذا أن يعلم أن المنقول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - شيئان: ألفاظه وأفعاله، ومعاني ألفاظه ومقاصده بأفعاله، وكلاهما منه ما هو متواتر عند العامة والخاصة، ومنه ما هو متواتر عند الخاصة ومنه ما يختص بعلمه بعض الناس"٤.

فآثار السلف الصالح هي المصدر الرابع لألفاظ العقيدة عند أهل السنة، وانطلاقاً من هذه المصادر بنى أهل السنة قواعدهم في ألفاظ العقيدة ومصطلحاتها، وهي ما سأبينه في المبحث التالي - إن شاء الله -.


١ - مختصر الصواعق المرسلة ٢/٤٥٩.
٢ - بيان تلبيس الجهمية ١/٢٤٧.
٣ - التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى ٥/٣، ٢٦.
٤ - درء التعارض ١/١٩٦.

<<  <   >  >>