للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلامهم بكلام المعتزلة"١، ويقرر الشهرستاني أن النظاّم أخذ القول بالكمون والظهور٢ عن أصحاب هذا المذهب من الفلاسفة وخاصة الطبيعيين لا الإلهيين٣. كما وافق الفلاسفة في القول بنفي الجزء الذي لا يتجزأ٤.

وعموم نظار المسلمين المتقدمين من المعتزلة، والأشعرية، وغيرهم، لم يلتفتوا كثيراً إلى الفلسفة اليونانية، ومنطق أرسطو، إلى أن جاء أبو حامد الغزالي فخلط منطق اليونان بأصول المسلمين٥، حيث ألف كتابه معيار العلم في المنطق، وقال في مقدمته: "رتبنا هذا الكتاب معياراً للنظر والاعتبار، وميزاناً للبحث والافتكار، وصيقلاً للذهن، ومشحذاً لقوة الفكر والعقل، فيكون بالنسبة إلى أدلة العقول، كالعروض بالنسبة إلى الشعر..فكل نظر لا يتزن بهذا الميزان، ولا يعاير بهذا المعيار، فاعلم أنه فاسد العيار، غير مأمون الغوائل والأغوار"٦. وألف المستصفى في أصول الفقه، ووضع في أوله مقدمة منطقية، وزعم أن من لم يحط بها علماً فلا ثقة بعلومه٧. كما صنف في ذلك محك النظر، والقسطاس المستقيم، وقد تأثر به من جاء بعده من المتكلمين، فتكلموا في الأصول بطريقة أهل المنطق اليوناني٨. مع أن الغزالي قد رجع عن طريقة الفلاسفة ورد عليهم في الإلهيات كما في كتابه تهافت الفلاسفة.


١ - الملل والنحل ١/٥٣ - ٥٤.
٢ - من مذهب النظام أن الله - تعالى - خلق الموجودات دفعة واحدة، على ما هى عليه الآن، معادن ونباتاً وحيواناً وإنساناً، ولم يتقدم خلق آدم - عليه السلام - خلق أولاده، غير أن الله - تعالى - أكمن بعضها فى بعض، فالتقدم والتأخر إنما يقع فى ظهورها من مكامنها دون حدوثها ووجودها. انظر: الملل والنحل ١/٥٦.
٣ - انظر: الملل والنحل ١/٥٦، نشأة الفكر الفلسفي للدكتور علي سامي النشار ١/٤٩٦، ٤٨٥، المباحث المشرقية ٢/٣٢٢. والفلاسفة الطبيعيون هم قوم أكثر بحثهم عن عالم الطبيعة وعن عجائب الحيوان والنبات، وقد قالوا إن النفس تموت ولا تعود فجحدوا الآخرة، وأنكروا الجنة والنار والقيامة والحساب، وقد كفروا بذلك. والفلاسفة الإلهيون وهم المتأخرون مثل سقراط وهو أستاذ أفلاطون، وأفلاطون أستاذ أرسطاطاليس، وأرسطاطاليس هو الذي وضع التعاليم التي يقرونها من المنطق، والطبيعي والإلهي. وأشهر مقولاتهم التي كفروا بها هي القول بقدم العالم. انظر: المنقذ من الضلال ص٢٠ - ٢٢، الصفدية ١/٢٣٦ - ٢٣٧.
٤ - انظر: الملل والنحل ١/٥٦، وانظر كلامه عن الجاحظ ونقله عن الفلاسفة ١/٧٥، وانظر المرجع نفسه ١/٦٠.
٥ - انظر: الرد على المنطقيين ص ٣٣٧، شرح الأصفهانية ص ١٣٢.
٦ - معيار العلم ص ٢٦ - ٢٧.
٧ - انظر: المستصفى ١/١٠.
٨ - انظر: الرد على المنطقيين ص ١٥.

<<  <   >  >>