للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثامن: خلق الله لأفعال العباد]

وهذه قضية أخرى من أهم القضايا التي تناولها العلماء بالحديث وقد بلغت عنايتهم بها إلى حدّ أن بعضهم أفردها بالتأليف، كما فعل الإمام الجليل محمّد بن إسماعيل البخاري - رحمه الله - حيث ألف فيها كتابه القيم "خلق أفعال العباد".

وقد أدلى البيهقي - رحمه الله - بدلوه في بحث هذه المسألة مبيناً وجه الحقّ الذي يراه بشأنها.

وهذه المسألة ذات صلة وثيقة بمسألة القضاء والقدر، التي أفردها البيهقي بالتأليف في كتاب مستقل.

وقبل أن أبدأ بالحديث عنها أحبّ أن أشير إلى أن بدعة إنكار القدر قد وجدت في عصر مبكر، من أيام الصحابة رضوان الله عليهم الذين شددوا النكير على أصحابها حين بلغتهم مقالتهم، وتبرؤوا منهم. فقد ذكر البيهقي - رحمه الله - عن يحيى بن يعمر أنه قال: "كان أوّل من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقنا حجاجاً أنا وحميد بن عبد الرحمن، فلما قدمنا قلنا: لو لقينا بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقوله هؤلاء القوم في القدر، قال فوافقنا عبد الله بن عمر في المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله.

قال يحيى: فظننت أن صاحبي يكل الكلام إلي، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إنه ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويعرفون العلم، يزعمون أن لا

<<  <   >  >>