للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصارت البلاد لمولانا السلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدين بيبرس، فرتب له في كل سنة خمسة آلاف درهم برسم مصالح الحرم. وبني بخارج البلد خاناً للسبيل، ونقل إليه الباب الذي كان على دهليز القصر الذي يدخل منه إلى البيمارستان بالقاهرة.

وبنى فرناً وطاحوناً، ووقف عليه ثلاثة قراريط بالطرة من أعمال دمشق، وثلث وربع قرية المشارفة، ونصف قرية من أعمار القدس.

وشرط أن يصرف ذلك في خبز وفلوس، وإصلاح زرابيل من بيت في هذا الخان من المسافرين، وذلك في سنة اثنين وستين وستمائة.

[مدينة الخليل عليه السلام]

قال ابن حوقل النصيبي: " هي مدينة صغيرة كالقرية تعرف بمسجد إبراهيم. وفي مسجدها الذي يقام فيه الجمعة قبر إبراهيم واسحق ويعقوب - عليه الصلاة والسلام - صفاً. وكل قبر منها تجاه قبر امرأته. والمدينة في وهدة بين جبال كثيفة الشجار من الزيتون والتين والجميز " وقرأت في كتاب أبى يعلى حمزة بن أسد التميمي الذي وضعه " ذليلاً لتاريخ دمشق " قال: " وفي هذه السنة - يعني سنة ثلاث عشرة وخمسمائة - ورد الخبر من بيت المقدس بظهر قبور الخليل وولديه إسحاق ويعقوب - عليهم الصلاة والسلام - هم مجتمعون في مغارة بأرض بيت المقدس، وكأنهم أحياء لم تبل أجسادهم، ولا رم لهم عظم ".

وحكى علي بن أبي بكر الهروي السائح: " حدثني جماعة من مشايخ الخليل: لما كان زمان بغدوين انخسف موضع في هذه المغارة، فدخل جماعة من الفرنج إليها بإذن الملك، فوجدوا فيها إبراهيم واسحق ويعقوب وقد بليت اكفانهم، وهم مسندون إلى حائط ورؤوسهم مكشوفة، فجدد الملك بغدوين أكفانهم، ثم سد الموضع، وذلك في سنة ثلاث عشر وخمسمائة ".

قلت: ولم يزل حكم هذه المدينة في الولايات حكم ما تقدمها من بلاد هذا الجند إلى ان أخذ الفرنج القدس في سنة اثنين وتسعين وأربعمائة فاستولوا عليها لأنها ضمناً وتبعاً للقدس.

ولم يزل في أيديهم إلى أن فتحها السلطان الملك الناصر صلاح الدين عند فتحه للقدس، في رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ولما ملكه بني القبة والجامع، ووقف عليه وقوفاً برسم الواردين عليه، وهي التي تسمى " ضيافة الخليل ".

ولم تزل في يد من يلي دمشق إلى ان مات الملك المعظم سنة أربع وعشرين وستمائة. وخرج الملك الكامل من مصر، وولى فيه. ولما فتح دمشق وسلمها للأشرف أعطى " الخليل " للملك الناصر ابن الملك المعظم، وبقي في يده إلى أن استدعى الملك الصالح الخوارزمي إلى الشام، وجرى المر فيه على ما جرى في نابلس في تنقلها بين الملك الناصر والملك الصالح إلى أن استبد به الملك الصالح في سنة ثلاث وأربعين.

وبقي في يده إلى أن توفي، وولي بعده ولده الملك المعظم توران شاه، ثم قتل، واستولى على البلاد الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب حلب، لما ملك دمشق، وأعطاه الملك المغيث فيتح الدين عمر ابن الملك العادل سف الدين أبي بكر أبن الملك الكامل.

وما زال في يده إلى أن خرج عن طاعة الملك الناصر في سنة خمس وخمسين وستمائة فاسترجعه الملك الناصر ثم تغلب عليه الملك المغيث في سنة سبع، فاسترجعه الملك الناصر في بقية السنة، وصار في يده إلى يده إلى أن أقطعه الملك المغيث في رجب من سنة سبع وخمسين وستمائة.

ثم انقضت دولة الملك الناصر في سنة ثمان وخمسين، وصار في أيدي التتر مع ما صار إليهم من البلاد، فسلموه للملك المغيث صاحب الكرك، فلم يزل في يده إلا أن الملك مولانا السلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدين البلاد أخذه منه، وأقطعه لمملوكه الأمير عز الدين إ يدمر نائبه بالكرك.

وبقي في يده إلى أن ولاه دمشق، فاسترجعه منه، واقطعه علاء الدين ايدكين الدمياطي في سنة سبعين لما استخلفه في " الكرك " عنه.

[نابلس]

وهي مدينة السامرة، وبها البئر التي حفرها يعقوب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبها الجبلان المقدسان، وهما طور سينا، وطور تينا المقسم به في كتاب العزيز وهو قوله:) والتّين والزَّيْتون (. ويقال إن تحت المدينة مدينة أخرى منقورة في الحجر.

قال البلاذري: " ثمّ أن عمرو بن العاص فتح غزة في خلافه أبي بكر رضي الله عنه، ثم فتح بعد ذلك سبسطية ونابلس، إلى أن أعطاهم الأمان على أنفسهم وأموالهم ومنازلهم وعلى أن الجزية في رقابهم والخراج على أرضهم ".

<<  <   >  >>