للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدث من كتابه. وإن كان يحدث بالمعنى: اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني والله أعلم. ونوضح هذه الجملة بمسائل:

إحداها: عدالة الراوي: تارة تثبت بتنصيص معدلين على عدالته وتارة تثبت بإلاستفاضة فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل أو نحوهم من أهل العلم وشاع الثناء عليه بالثقة وإلامانة استغني فيه بذلك عن بينة شاهدة بعدالته تنصيصا وهذا هو الصحيح في مذهب الشافعي رضي الله عنه وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه.

وممن ذكر ذلك من أهل الحديث أبو بكر الخطيب الحافظ ومثل ذلك بمالك وشعبة والسفيانين والأوزاعي والليث وابن المبارك ووكيع وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ومن جري مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره على الطالبين.


لم يقبلوا شهادته ولا روايته وأما من اشترط العدالة وهم أكثر العلماء فاشترطوا في العدالة المروءة ولم يختلف قول مالك وأصحابه في اشتراط المروءة في العدالة مطلقا وإنما تفترق العدالة في الشهادة والعدالة في الرواية في اشتراط الحرية فإنها ليست شرطا في عدالة الرواية بلا خلاف بين أهل العلم كما حكاه الخطيب في الكفاية وهى شرط في عدالة الشهادة عند أكثر أهل العلم وقد ذكر القاضي أبو بكر الباقلاني أن هذا مما تفترق فيه الشهادة والرواية وتفترقان أيضا على قول في البلوغ فإن شهادة الصبي المميز غير مقبولة عند أصحاب الشافعي والجمهور وأما خبره فاختلف تصحيح المتأخرين في مواضع فحكى النووي في شرح المهذب عن الجمهور قبول أخبار الصبي المميز فيما طريقة المشاهدة بخلاف ما طريقه النقل كالإفتاء ورواية الأخبار ونحوه وقد سبقه إلى ذلك المتولي فتبعه عليه.
وحكي الرافعي في استقبال القبلة عن الأكثرين عدم القبول وجعل الخلاف أيضا في المميز ولكنه قيد الخلاف في التيمم بالمراهق وصحح أيضا عدم القبول وتبعه عليه النووي والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>